للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن حد الحسن، وقد كان سفيان يكره الوضوء قبل الطعام، قال البيهقي: وكذلك مالك بن أنس كرهه، وكذلك صاحبنا الشافعي استحب تركه، واحتج بالحديث، يعني حديث ابن عباس قال: "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتى الخلاء، ثم إنه رجع، فأُتِىَ بالطعام، فقيل: ألا تتوضأ؟ قال: لم أُصَلِّ فأتوضأ" رواه مسلم وأبو داود والترمذي بنحوه إلا أنهما قالا: فقال: إنما أُمرتُ بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة.

٢ - وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أحب أن يُكْثِرَ (١) الله خير بيته، فليتوضأ إذا حضر غذاؤهُ، وإذا رفع (٢) " رواه ابن ماجة والبيهقي، والمراد بالوضوء غسل اليدين.

٣ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نام، وفي يده غَمَرٌ، ولم يغسلهُ؛ فأصابه شيء؛ فلا يلومنَّ إلا نفسه (٣) " رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وابن ماجة؛ وابن حبان في صحيحه؛ ورواه ابن ماجة أيضاً عن فاطمة رضي الله عنها بنحوه.

[الغمر]: بفتح الغين المعجمة والميم بعدهما راء: هو ريح اللحم وزهومته.

٤ - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان حَسَّاسٌ (٤) لَحَّاسٌ فاحذروه على أنفسكم، من بات وفي يده ريحُ غَمَرٍ؛ فأصابه شيء؛


(١) الذي يريد زيادة النعم يحافظ على الوضوء في أول الأكل وبعده، والمراد النظافة وغسل اليدين.
(٢) انتهى من الطعام.
(٣) الذي أكل ولم يغسل يديه وفمه فأصابه ضرر فهو الجاني على نفسه.
(٤) كثير الحس واللحس واللمس فخافوا منه أيها الآكلون ونظفوا أيديكم واجتنبوا القذارة.
بيان فوائد الجوع وذم الشبع كما في إحياء علوم الدين للغزالي
(أ) صفاء القلب واللمس وإيقاد القريحة واتقاد البصيرة فإن الشبع يورث البلادة ويعمي القلب ويكثر البخار في الدماغ.
(ب) الانكسار والذل وزوال الفرح والبطر والأشر الذي هو مبدأ الطغيان والغفلة عن الله تعالى.
(جـ) أن لا ينسى بلاء الله وعذابه ولا ينسى أهل البلاء فإن الشبعان ينسى الجائع وينسى الجوع فيذكر الفطن عطش القيامة وجوع أهلها.
(د) كسر شهوات المعاصي كلها والاستيلاء على النفس الأمارة بالسوء، فإن منشأ المعاصي كلها الشهوات والقوى =

<<  <  ج: ص:  >  >>