للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجلٌ عرف الحقَّ فَجَارَ (١)

في الحكم فهو في النار، ورجلٌ قضى للناس على جهلٍ فهو في النار" رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة.

٥ - وعن عبد الله بن مَوْهَبٍ أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال لابن عمر: "اذهب فكن قاضياً (٢). قال: أوَ تُعْفِيني (٣) يا أمير المؤمنين؟ قال: اذهب فاقضِ بين الناس. قال: تُعْفِيني يا أمير المؤمنين؟ قال: عَزمْتُ عليك إلا ذهبت فقضيت. قال: لا تَعْجَلْ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَنْ عاذَ بالله، فقد عاذ بمُعاذٍ. قال نعم. قال: فإني أعوذ بالله أن أكون قاضياً. قال: وما يمنعك، وقد كان أبوك يقضي؟ قال: لأني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: مَنْ كان قاضياً، فقضى بالجهلِ كان من أهل النار، ومن كان قاضياً فقضى بالجور (٤) كان من أهل النار، ومن كان قاضياً، فقضى بحقٍ أو بعدلٍ (٥)

سأل التفلُّتَ كَفَافاً، فما أرجو منه بعد ذلك" رواه أبو يعلى وابن حبان في صحيحه، والترمذي باختصار عنهما، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان قاضياً، فقضى بالعدل فبالحريِّ أن ينفلت منه كفافاً، فما أرجو بعد ذلك؟ ولم يذكر الآخرين، وقال: حديث غريب، وليس إسناده عندي بمتصل، وهو كما قال، فإن عبد الله بن موهب لم يسمع من عثمان رضي الله عنه.


(١) ظلم، وفي الجامع الصغير "فاعتبروا يا أولي الأبصار" (٢ من سورة الحشر)، قال المناوي: ورتبة القضاء شريفة لمن تبع الحق، وحكم على علم. أ. هـ، وقال الحفني: عرف الحق، وهو أقبح وأشد مما قبله، بالهوى: أي هوى نفسه بنحو دنيا يأخذها، فهو يعدل عن الحق عمداً لذلك. أ. هـ ص ٦٧
(٢) حكماً بين الناس.
(٣) تتركني، يخشى عبد الله بن عمر أن يكون في منصب القضاة، فتزل قدمه فيسأله مولاه ويحاسبه ربه، قال الله تعالى: "يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب" (٢٦ من سورة ص).
(٤) الظلم.
(٥) يجتهد القاضي أن يحكم بالحق، ويزن قوله بالعدل، ولا يرجو من الله سوى النجاة من العقاب لأن المسئولية كبرى، والمحاسب لا تخفى عليه خافية، والمنتقم بالمرصاد يحصي كل شيء: أي طلب النجاة من الله تعالى اقتصاداً خشية كثرة الحساب بدليل الحديث الآتي أن القاضي يقف للحساب فيرى شدة الحساب ودقته فيلوم نفسه على منصب القضاء، ويود أنه لو فلت من هذا المركز الخطر فلا يعرض نفسه له، حتى ولو كانت المسألة تافهة فلا يتعرض للفصل فيها بين اثنين خشية أن يخطئ فيعاقب، قال تعالى: "إن ربك لبالمرصاد" (١٤ من سورة الفجر).

<<  <  ج: ص:  >  >>