للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترهيب من ترك الاستبراء من البول، وإتيان النميمة

٧ - وعن أُمامة رضي الله عنه قال: مر النبى صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر نحو بقيع (١) الغرقد، قال وكان الناس يمشون خلفه، قال فلما سمع صوت النعال وقر ذلك في نفسه فجلس حتى قدمهم أمامه، فلما مر ببقيع الغرقد إذا بقبرين قد دفنوا فيهما رجلين. قال فوقف النبى صلى الله عليه وسلم فقال: من دفنتم هاهنا اليوم؟ قالوا فلان وفلانٌ. قالوا يا نبىَّ الله وما ذاك؟ قال أما أحدهما فكان لا يتنزَّهُ من البول، وأما الآخر فكان يمشى بالنميمة، وأخذ جريدةً رطبةً (٢) فشقها، ثم جعلها على القبرين. قالوا يا نبى الله: لم فعلت هذا؟ قال لُيخفِّفَنَّ عنهما. قالوا: يا رسول الله: حتى متى (٣) هما يعذبان؟ قال غيب لا يعلمه إلا الله، ولولا تمرُّغُ (٤) قلوبكم وتزيُّدُكُم (٥) في الحديث لسمعتم ما أسمع. رواه أحمد واللفظ له وابن ماجه، كلاهما من طريق على بن يزيد الالهانى عن القاسم عنه.

٨ - وعن عبد الرحمن بن حسنة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده الدرقة (٦) فوضعها (٧)، ثم جلس فبال إليها، فقال بعضهم انظروا إليه يبول كما تبول المرأة فسمعه النبى صلى الله عليه وسلم فقال: ويحك (٨) ما علمت ما أصاب صاحب بنى اسرائيل كانوا إذا أصابهم البول قرضُوهُ (٩) بالمقاريض


(١) موضع بظاهر المدينة فيه قبور أهلها، وكان به شجر الغرقد فذهب وبقي اسمه - والبقيع المتسع ذو الأشجار.
(٢) خضراء.
(٣) إلى أي زمان ينتهى حسابهما.
(٤) تقلب.
(٥) خشية زيادتكم في القول: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوة وقدرة على سماع صوتهما؛ وإدراك نوع عذابهما، وهذه ميزة له صلى الله عليه وسلم وخصوصية، ولولا خوف الفتنة. وهلاك الإنس والجن لأسمعهم الله جل وعلا، كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري: (يسمع بها كل شيء إلا الإنسان رأفة به ورحمة من الله جل وعلا.
(٦) الترس إذا كان من جلد وليس فيه خشب ولا عصب.
(٧) جعلها مائة بينه وبين الناس، وبال مستقبلا إليها: فأنت ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم يذهب بعيدا في الفضاء ويبعد عن طريق الناس ونواديهم ثم يضع سترا وحائلا يمنع كشف العورة، وظن الجهال المغفلون أن هذه الوقاية للسيدات فقط، فأفهم النبى صلى الله عليه وسلم أن يتجنبوا إطهار العورة، ولا بد من التستر.
(٨) كلمة ترحم أي رحمك الله.
(٩) قطعوه بآلة حادة، والمعنى أن بنى إسرائيل كانوا يتحرزون من البول حتى يقطعوا ما نجسه من الثوب، فنهاهم عن هذا القطع صاحب بنى اسرائيل فعذبه الله في قبره لأنه يوصى ببقاء النجاسة، والله أعلم. وكانت الطهارة عندهم إزالتها بالقطع، وجاء الدين الإسلامى، فخفف بغسلها. صلى الله عليه وسلم على صاحبه نبى الرحمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>