للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنهاهم فعذب في قبره. رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه.

الترهيب من عدم قضاء الدين والاستبراء من البول

٩ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا نمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا على قبرين فقام فقمنا معه فجعل لونه يتغير حتى رعد (١) كُمُّ قميصه، فقلنا مالك يا رسول الله؟ فقال أما تسمعون ما أسمعُ؟ فقلنا وما ذاك يا نبى الله؟ قال هذان رجلان يعذبان في قبورهما عذابا شديدا في ذنب هين، قلنا فيم ذلك؟ قال كان أحدهما لا يستنزه (٢) من البول، وكان الآخر يؤذي الناس بلسانه (٣) ويمشى بينهم بالنميمة، فدعا بجريدتين من جرائد النخل فجعل في كل قبرٍ واحدةً، قلنا: وهل ينفعهم ذلك؟ قال نعم: يخفف عنهما ما دامتا رطبتين (٤).رواه ابن حبان في صحيحه.

(قوله: في ذنب هين) يعنى هِّين عندهما وفى ظنهما، أو هّين عليهما اجتنابه، لا أنه هين في نفس الأمر لأن النميمة محرمة اتفاقاً.

١٠ - وعن شفى بن ماتع الأصبحى رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أربعة يُؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى يسعون بين الحميم (٥) والجحيم (٦) يدعون (٧) بالويل والثبور يقول أهل النار بعضهم لبعض: ما بال هؤلاء قد آذونا على ما بنا من الأذى؟ قال فرجل مُغلقٌ (٨) عليه تابوت من جمر، ورجل يجُرُّ أَمعاءَهُ (٩)،


(١) رجف واضطرب - رأى الصحابة شدة تأثر وتغير لون وجهه صلى الله عليه وسلم، وخوفهم شدة اضطراب قميصه، ولذا سألوا عن حاله. ماذا جرى يا رسول الله؟
(٢) لا يتحرز من النجاسة، ولا يستنجى استنجاء كاملا.
(٣) بهتك العرض؛ والذم؛ والقدح، والغيبة، وتعداد العيوب.
(٤) خضراوين.
(٥) الماء الحار المغلي.
(٦) جهنم، أي أن عذابه يستمر بين الحياة في الماء المغلى شديد الحرارة وبين النار التي تلتهم جسمه.
(٧) يطلبون الهلاك والدمار والعذاب أي يصحبون.
(٨) عذب في ضريح محكم الإغلاق من جمر لأنه أكل أموال الناس بلا حق.
(٩) يعذب بخروج معدته، ويفضح على ملأ من أهل المحشر لقذارته في حياته، وبوله على نفسه، وعدم عنايته بنظافة جسمه وثوبه، يفضحه الله على رؤوس الأشهاد يوم القيامة بخروج (الكرشة) ليتقذذ منه الناظرون ويشمئز من حاله الراءون: لماذا؟ لأنه كان في دنياه يبول في طريقه، ولا يحترس من النجاسة، ويذهب على المباول فيقضى هذه الحاجة؛ ويلوث ملابسه وشعاره، ويعتذر، وعذره حقير من ضيق الحالة، ويتجارأ على ترك الصلاة لأن ملابسه نجسة، وبعد أن يغتسل ويتطهر ويصلي، ولكن الشيطان قائدة فيذهب إلى مواطن اللهو ومحال الفسوق والمقاهى وهناك يضيق وقته فيبول في المباول بلا ماء فينجس ملابسه، وحينئذ يخلف وعده.
اعتنوا أيها المسلمون بتطهير ملابسكم، وعمروا مساجد الله تعمر قلوبكم بالإيمان وتأمنوا عذاب القبر؛ وتنالوا من الله الرحمة والرضوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>