للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في صنع الله عز وجل، وساعةٌ يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب وعلى العاقل أن لا يكون ظاعناً (١) إلا لثلاثٍ: تزودٍ لمعادٍ (٢) أو مَرَمَّةٍ لمعاشٍ (٣)،

أو لذَّةٍ في غير مُحَرَّمٍ (٤) وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه مُقبلاً على شأنهِ حافظاً للسانه، ومن حَسَبَ كلامهُ من عمله قَلَّ كَلامُهُ إلا فيما يعنيه (٥) قلتُ: يا رسول الله فما كانت صحفُ موسى عليه السلام؟ قال: كانت عِبَراً (٦) كلها: عجبتُ لمن أيقن بالموتَ ثم هو يفرحُ، عجبتُ لمن أيقنَ بالنار، ثم هو يضحكُ. عجبتُ لمن أيقنَ بالقدرِ ثم هو ينصبُ، عجبتُ لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها، عجبتُ لمن أيقنَ بالحساب غداً ثم لا يعمل. قلت: يا رسول الله أوصني. قال: أوصيك بتقوى الله، فإنها رأسُ الأمر كله. قلتُ يا رسول الله زدني، قال: عليك بتلاوة القرآن وذكر الله عز وجل، فإنه نور لك في الأرض، وذُخرٌ لك في السماء. قلت يا رسول الله: زدني؛ قال: إياك وكثرة الضحك فإنه يُميتُ القلب (٧)، ويذهبُ بنورِ الوجه، قُلتُ: يا رسول الله زدني، قال: عليك بالجهاد فإنه رهبانيةُ (٨) أمتي. قلت يا رسول الله زدني، قال: أحبَّ المساكين وجالسهم. قلتُ يا رسول الله زدني، قال: انظر إلى من هو تحتك، ولا تنظر إلى ما هو فوقك، فإنه أجدر أن لا تزدري (٩) نعمة الله عندك. قلت: يا رسول الله زدني، قال: قل الحق وإن كان مُرّاً. قلت: يا رسول الله زدني، قال: لِيَرُدَّكَ عن الناس ما تعملهُ من نفسك ولا تجدُ عليهم فيما تأتي، وكفى بك عيباً أن تعرف من الناس ما تجهله من نفسك؛ وتجدَ عليهم فيما تأتي، ثم ضرب بيده على صدري، فقال: يا أبا ذرٍ: لا عَقْلَ كالتدبيرِ، ولا وَرَع كالكَفِّ (١٠)، ولا حَسَبَ (١١)

كَحُسْنِ الْخُلُقِ" رواه ابن حبان في صحيحه واللفظ له، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.


(١) مرتجلاً مجداً.
(٢) عمل صالح للآخرة. "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى".
(٣) سعى لعيشه.
(٤) فائدة في حلال.
(٥) يفيده.
(٦) عظات وفوائد.
(٧) لا يتأثر بالمواعظ.
(٨) انقطاع إلى طاعة وتبتل وإخلاص إلى الله.
(٩) لا تحتقر.
(١٠) كالترك للمحارم.
(١١) لا شرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>