للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيناه، فأتاه سول الله صلى الله عليه وسلم، فمسح ذِفْرَاهُ فسكت، فقال: من ربُّ هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتىً من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي مَلَّكَكَ الله إياها؛ فإنه شكا إليَّ أنك تُجِيعُهُ (١) وَتُدْئِبُهُ (٢) " رواه أحمد وأبو داود.

٢٣ - وروى أحمد أيضاً في حديث طويل عن يحيى بن مرة قال فيه وكنتُ معهُ، يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم جالساً ذات يومٍ إذ جاء جملٌ يَخُبُّ (٣) حتى ضرب (٤)

بِجِرَانِهِ بين يديه، ثم ذرفت (٥) عيناه، فقال: ويحك (٦) انظر لمن هذا الجمل؟ إن له لشأناً قال: فخرجت ألتمس صاحبه فوجدته لرجلٍ من الأنصار، فدعوته إليه فقال: ما شأن جملك هذا؟ فقال: وما شأنه؟ لا أدري والله ما شأنه عملنا عليه، ونضحنا (٧) عليه حتى عجز عن السقاية فائتمرنا (٨) البارحة أن ننحره ونقَسِّمَ لحمه. قال: فلا تفعل، هَبْهُ لي أو بِعْنِيهِ، قال: بل هو لك يا رسول الله. قال: فوَسَمَهُ (٩) بِمِيْسَمِ الصدَقَةِ، ثم بَعَثَ به" وإسناده جيد.

وفي رواية له نحوه إلا أنه قال فيه: إنه قال: لصاحب البعير: ما لبعيرك يشكوك؟ زعم أنك سَنَأتَهُ (١٠) حتى كَبِرَ، تريد أن تنحره (١١) قال: صدقتَ، والذي بعثك بالحق لا أفعلُ.

وفي أخرى له أيضاً قال يعلى بن مرة: بينا نحن نسير معه يَعني مع النبي صلى الله عليه وسلم


(١) تمنع عنه الطعام.
(٢) تتعبه من شدة العمل. أنطق الله الجمل لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم معجزة له فاستغاث من صاحبه يكلفه فوق طاقته ويجيعه.
(٣) يسرع الذهاب إليه، من خب في الأمر: أسرع الأخذ فيه، ومنه الخبب لضرب من العدو، وهو خطو فسيح دون العنق، يخب. كذا (ع) ص ٩٧ - ٢ وفي (ن ط): مخبب.
(٤) مد عنقه على الأرض، وبرك، والجران مقدم عنق البعير من مذبحه إلى منحره.
(٥) دمعت.
(٦) كلمة رحمة: أي رحمه الله.
(٧) حملنا عليه الماء، من نضح البعير الماء: حمله من نهر أو بئر لسقي الزرع، فهو ناضح لأنه ينضح العطش: أي يبله بالماء الذي يحمله.
(٨) تشاورنا.
(٩) علمه بعلامة.
(١٠) استقيت عليه، ومنه: إنا كنا نسنو عليه: أي نستقي، والسانية: الناقة التي يستقى عليها، والسحابة تسنو الأرض: أي تسقيها، فهي سانية أيضاً.
(١١) تذبحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>