للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن تركوهم وما أرادوا (١)

هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونَجَوْا جميعاً" رواه البخاري والترمذي.

١٠ - وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من نبيٍ بعثهُ الله في أمةٍ قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحابٌ يأخذون (٢) بِسُنَّتِه، ويَقْتَدُونَ بأمره، ثم إنها تَخْلُفُ من بعدهم خُلُوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده (٣) فهو مؤمنٌ، ومن جاهدهم بلسانه (٤) فهو مؤمنٌ، ومن جاهدهم بقلبه، فهو مؤمنٌ ليس وراء ذلك من الإيمان حبةُ خردلٍ" رواه مسلم.

[الحواري]: هو الناصر للرجل، والمختص به، والمعين، والمصافي.

ويل للعرب من شر قد اقترب

١١ - وعن زينب بنت جحش رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فَزِعاً يقول: "لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب، فُتِحَ اليوم من رَدْمِ يأجوج ومأجوج مِثلُ هذه، وحَلَّقَ بين أُصبعيه: الإبهام والتي تليها، فقلتُ: يا رسول الله


(١) فإن أعطاهم المرتفعون هذه الأمنية انخرقت السفينة ونزل الماء في قاعها فغرقوا جميعاً، وإن أظهروا الشهامة والسلطة النافذة، ومنعوهم بالقوة سلمت السفينة من الغرق، وفاز الراكبون، كذلك العصاة الفساق المنهمكون في الملذات يحتاجون إلى إدارة حازمة ورقابة تامة تمنع من طغيانهم وضلالهم، وإلا وقعت الداهية فأصابت الصالح والطالح، وعمت المصيبة الطائع وغيره كما قال تعالى:
(أ) "كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون" (٨٠ من سورة المائدة). أي لا ينهى بعضهم بعضاً عن معاودة منكر فعلوه، أو عن مثل منكر فعلوه، أو عن منكر أرادوا فعله، وتهيئوا له، أو لا ينتهون عنه.
(ب) وقال تعالى: "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً" (١٧ من سورة الإسراء). أي وإذا تعلقت إرادتنا بأهلاك قوم لإنفاذ قضائنا السابق اغتر أصحاب نعمة الله تعالى العظيمة ففسقوا وعصوا الله فعذبوا بالفقر، وانتزاع البركة والخراب، فاتقوا الله عباد الله واستيقظوا من سباتكم، واتحدوا واضربوا بأيد من حديد على أولئك العصاة والمتبرجات، وأقيموا حدود الله وادعوا الناس إلى الله، وأمروا بالمعروف لله وانهو عن المنكر لله رجاء أن الله تعالى يشملكم برحمته، ويبعد منكم كل مكروه، وإلا فستنزل بكم الكوارث ولا ملجأ من الله إلا إليه.
(٢) يعملون بشريعته، وينفذون أوامره ابتغاء رضوان الله تعالى.
(٣) منعهم بالقوة.
(٤) تصدى لزجرهم وردعهم وكرههم وقطع مودتهم وغير ذلك، ينتفي الإيمان في قلب المخالف هذه الأمور الثلاثة: الدفاع بالسلطان، أو اللسان، أو التقاطع وكرهه لله.

<<  <  ج: ص:  >  >>