للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَسَيْتُمْ (١) إنْ تَوَلَّيْتُمْ (٢) أنْ تُفْسِدُوا في الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا (٣)

أرْحَامَكُمْ" الآية، وفي المنان: "لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ والأذَى (٤) " الآية، وفي الخمر: "إنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ والأزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ (٥) " الآية. رواه الطبراني ورواته ثقات إلا أن عتاب بن بشير لا أراه سمع من مجاهد.

٢٢ - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ حَرَّمَ الله تبارك وتعالى عليهم الجنة: مُدمنُ الخمرِ، والعاقُّ، والدَّيُّوثُ الذي


(١) فهل يتوقع منكم.
(٢) أمور الناس، وتأمرتم عليهم، أو أعرضتم وتوليتم عن الإسلام.
(٣) تزيلوا مودة الأقارب تناحراً على الولاية وتجاذباً لها، أو رجوعاً إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من التغادر ومقاتلة الأقارب، والمعنى أنهم لضعفهم في الدين وحرصهم على الدنيا أحقاء بأن يتوقع ذلك منهم من عرف حالهم: أي إن تولاكم ظلمة خرجتم معهم، وساعدتموهم في الإفساد وقطيعة الرحم قال تعالى: "أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" (٢٣ - ٢٤ من سورة محمد). (فأصمهم): لا يستمعون الحق ولا يهتدون سبيله (يتدبرون): يتصفحون القرآن وما فيه من المواعظ والزواجر حتى لا يجسروا على المعاصي. أهـ. بيضاوي.
(٤) أي لا تحبطوا أجرها بالتحدث وذكر الفضل، والفخر والرياء.
(٥) تمام الآية: "فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين" (٩٠ - ٩٢ من سورة المائدة).
والخمر مصدر خمره إذا ستره، سمي به عصير العنب والتمر إذا اشتد وغلا كأنه يخمر العقل أي يغطيه كما سمى سكراً. لأنه يسكره: يحجزه، وهي حرام مطلقاً، والميسر سمى به القمار لأنه أخذ مال الغير بيسر، أو سلب يساره. والأنصاب: الأصنام التي نصبت للعبادة. والأزلام: الأقداح المكتوب على أحدها: أمرني ربي، وعلى الآخر نهاني ربي، والثالث غفل، فإذا قصدوا فعلاً ضربوا هذه الثلاثة. فإن خرج الآمر مضوا على ذلك، وإن خرج الناهي تجنبوا عنه، فإن خرج الغفل أجالوها ثانياً. قال تعالى: "وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق" رجس: قذر تعاف عنه العقول، مسبب عن تسويل الشيطان وتزيينه.
قال البيضاوي: واعلم أنه أكد سبحانه وتعالى تحريم الخمر والميسر في هذه الآية، بأن صدر الجملة بإنما وقرنهما بالأنصاب والأزلام وسماها رجساً وجعلها من عمل الشيطان تنبيهاً على أن الاشتغال بهما شر بحت، أو غالب، وأمر بالاجتناب عن عينهما وجعله سبباً يرجى منه الفلاح، ثم قرر ذلك بأن بين ما فيهما من المفاسد الدنيوية والدينية المقتضية للتحريم (إنما يريد) الآية. أي يسببان الشقاق والكدر والبغضاء، ويمنع عن العبادة والذكر والصلاة، وأفرد الصلاة إشعاراً بفضلها، والصاد عنها كالصاد عن الإيمان، وأنها عماد الدين، وفرق بين المسلم والكافر الصلاة، وذكر سبحانه الأنصاب والأزلام للدلالة على أنهما مثل الخمر والميسر في الحرمة، والشر والضرر كما ذكر صلى الله عليه وسلم: "شارب الخمر كعابد الوثن".

<<  <  ج: ص:  >  >>