للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم. قال: ادعوها، فَدَعَوْهَا، فجاءت، فقال: هذا ابنك؟ فقالت: نعم. فقال لها: أرأيتِ لو أُجِّجَتْ (١)

نارٌ ضخمةٌ، فقيل لك: إن شفعت له خَلَّيْنَا عنهُ، وإلا حرقناه بهذه النار، أكنتِ تشفعين له؟ قالت: يا رسول الله إذاً أشفعَ له. قال: فأشهدي الله وأشْهِدِيني قد رضيت عنهُ. قالت: اللهم إني أُشهدك، وأُشهدُ رسولك أني قد رضيتُ عن ابني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا غلامُ قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسولهُ، فقالها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي أنقذهُ بي (٢) من النار" رواه الطبراني وأحمد مختصراً.

١٧ - وعن العوام بن حوْشَبٍ رضي الله عنه قال: "نزلتُ مَرَّةً حَياً (٣)، وإلى جانب ذلك الحي مقبرةٌ، فلما كان بعد العصر انشق منها قبرٌ فخرج رجلٌ رأسهُ رأسُ الحمارِ وجسدهُ جسدُ إنسانٍ، فَنهَقَ (٤) ثلاثَ نهقاتٍ، ثم انطبق عليه القبرُ، فإذا عجوزٌ تغزلُ شَعْراً أو صُوفاً، فقالت امرأةٌ: ترى تلك العجوز؟ قلت: ما لها؟ قالت: تلك أم هذا، قلتُ: وما كان (٥)

قصتهُ؟ قالت: كان يشرب الخمرَ فإذا راحَ تقولُ له أمهُ: يا بني


(١) اتقدت والتهبت.
(٢) نجاه، ولقد قبل الله تعالى رضا والدته إكراماً لحبيبه صلى الله عليه وسلم الرءوف الرحيم الشفيع، وكان هذا الشاب لا يمكنه أن ينطق بالشهادتين، لماذا؟ لأن الله عقل لسانه بسبب عصيان أمه، ثم رضي عنه سبحانه لشفاعة سيدنا ومولانا المصطفى صلى الله عليه وسلم ورضا أمه، ففيه الترغيب في إرضاء الأم والترهيب من عقوقها، لأن غضبها يجر إلى الكفر بالله تعالى ودخول النار.
(٣) جهة معمورة آهلة بالسكان.
(٤) صوت صوت الحمار، إن الله تعالى عذبه من جنس افترائه وغروره وإغوائه وإضلاله: سبحانه جعل صورته صورة حمار له صوت منكر مرتفع، لماذا؟ لأنه خالف نصيحة أمه وصد عن قولها ورماها بالوقاحة وقلة الأدب، وألفاظ البذاءة "أنت تنهقين" فلو سمع نصحها وصغى إلى قولها واسترشد بنور إيمانها لتنعم وفاز بالجنة، ولكن عصاها فاستحق كل إهانة وازدراء.
(٥) وما كان كذا (ط وع ص ١٦١ - ٢)، وفي (ن د): وما كانت.
أضرار عصيان الوالدين كما بينها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه:
أولاً: لقد حرم الله عقوق الوالدين وكره ذلك.
ثانياً: أنه من أكبر الكبائر المهلك الموصل إلى الجحيم.
ثالثاً: يمنع من التعطر بريح الجنة وشم شذاها "يراح ريح الجنة". =

<<  <  ج: ص:  >  >>