للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠ - وعن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الرحمُ حَجَنَةٌ مُتَمَسِّكَةٌ بالعَرْشِ تَكَلَّمُ بلسان ذُلَقٍ (١): اللهم صِلْ من وَصَلَنِي، واقطعْ من قَطَعَنِي، فيقولُ اللهُ تبارك وتعالى: أنا الرحمن الرحيم، وإني شَقَقْتُ للرحم من اسمي، فمن وصلها وصَلْتُهُ، ومن بَتَكَهَا بَتَكْتُهُ" رواه البزار بإسناد حسن.

[الحجنة] بفتح الحاء المهملة والجيم وتخفيف النون: هي صنارة المغزل، وهي الحديدة العقفاء التي يعلق بها الخيط ثم يفتل الغزل، وقوله: من بتكها بتكته: أي من قطعها قطعته.

٢١ - وعن سعيد بن زيدٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن من أرْبَى الربا (٢) الاسْتِطالةَ في عِرْضِ المسلمِ بغيرِ حقٍ، وإن هذه الرحم شُجْنَة من الرحمن عز وجل، فمن قطعها حَرَّمَ اللهُ عليهِ الجنة" رواه أحمد والبزار، ورواة أحمد ثقات.

[قوله: شجنة من الرحمن] قال أبو عبيد: يعني قرابة مشتبكة كاشتباك العروق، وفيها لغتان شجنة بكسر الشين وبضمها وإسكان الجيم.

٢٢ - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الوَاصِلُ بالمكافئ (٣)، ولكن الواصل الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا (٤) " رواه البخاري واللفظ له وأبو داود والترمذي.


(١) ذلق: طلق، بضم الذال: أي فصيح بليغ، هكذا جاء في الحديث على وزن فعل بوزن صرد، يقال طلق ذلق وطلق ذلق، وطليق ذليق، ويراد بالجميع المضاء والنفاذ، وذلق كل شيء حده. أهـ نهاية.
(٢) من أكثر المحرمات ذنوباً.
(٣) الذي يعطي لغيره نظير ما أعطاه ذلك الغير كما في رواية "ليس الواصل أن تصل من وصلك، ذلك القصاص ولكن الوصال أن تصل من قطعك".
(٤) قال في الفتح: أي الذي إذا منع أعطى، وقطعت. قال الطيبي: المعنى ليست حقيقة الواصل، ومن يعتد بصلته من يكافئ صاحبه بمثل فعله، ولكن من يتفضل على صاحبه. وقال ابن حجر في الفتح: وقال شيخنا في شرح الترمذي المراد بالواصل في هذا الحديث الكامل، فإن في المكافأة نوع صلة بخلاف من إذا وصله قريبه لم يكافئه، فإن فيه قطعاً بإعراضه عن ذلك، وهو من قبيل ليس الشديد بالصرعة، وليس الغنى عن كثرة العرض. أهـ. وأقول لا يلزم من نفى الوصل ثبوت القطع فهم ثلاث درجات: مواصل، ومكافئ، وقاطع، فالواصل من يتفضل ولا يتفضل عليه، والمكافئ الذي يزيد في الإعطاء على ما يأخذ، والقاطع الذي =

<<  <  ج: ص:  >  >>