(١) قال ابن أبي جمرة يحتمل أن يكون بلسان الحال، ويحتمل أن يكون بلسان المقال قولان مشهوران والثاني أرجح، وعلى الثاني، فهل تتكلم كما هي، أو يخلق الله لها عند كلامها حياة وعقلاً؟ قولان أيضاً مشهوران والأول أرجح لصلاحية القدرة العامة لذلك. قال في الفتح قال عياض: يجوز أن يكون الذي نسب إليه القول ملكاً يتكلم على لسان الرحم. (٢) قال ابن أبي جمرة: الوصل من الله كناية عن عظيم إحسانه، وإنما خاطب الناس بما يفهمون، ولما كان أعظم ما يعطيه المحبوب لمحبه الوصال؛ وهو القرب منه وإسعافه بما يريد ومساعدته على ما يرضيه، وكانت حقيقة ذلك مستحيلة في حق الله تعالى عرف أن ذلك كناية عن عظيم إحسانه لعبده، قال وكذا القول في القطع وهو كناية عن حرمان الإحسان. وقال القرطبي: أي لو كانت الرحم ممن يعقل ويتكلم لقالت كذا، ومثله "لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً" الآية، وفي آخرها "تلك الأمثال نضربها للناس" من سورة الحشر، فمقصود هذا الكلام الإخبار بتأكد أمر صلة الرحم، وأنه تعالى أنزلها منزلة من استجار به فأجاره فأدخله في حمايته، وإذا كان كذلك فجار الله غير مخذول، وقد قال صلى الله عليه وسلم "من صلى الصبح فهو في ذمة الله وإن من يطلبه الله بشيء من ذمته يدركه ثم يكبه على وجهه في النار" أخرجه مسلم. أهـ. (٣) المعنى أنها أثر من آثار الرحمة مشتبكة بها فالقاطع لها منقطع من رحمة الله. وقال الإسماعيلي: معنى الحديث أن الرحم اشتق اسمها من اسم الرحمن فلها به علقة، وليس معناه أنها من ذات الله، تعالى عن ذلك، قال القرطبي: الرحم التي توصل عامة وخاصة فالعامة رحم الدين، وتجب مواصلتها بالتوادد والتناصح والعدل والإنصاف والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة، وأما الرحم الخاصة فتزيد النفقة على القريب وتفقد أحوالهم والتغافل عن زلاتهم وتتفاوت مراتب استحقاقهم في ذلك كما في الحديث الأول من كتاب الأدب الأقرب فالأقرب. وقال ابن أبي جمرة: تكون صلة الرحم بالمال وبالعون على الحاجة وبدفع الضرر وبطلاقة الوجه وبالدعاء، والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفاراً أو فجاراً فمقاطعتهم في الله هي صلتهم بشرط بذل الجهد في وعظهم، ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى. أهـ ص ٣٢٢ جـ ١٠.