للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الشديد بالصُّرَعَةِ (١) إنما الشديدُ الذي يملكُ نفسهُ عند الغضب (٢) " رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

٨ - ورواه ابن حبان في صحيحه مختصراً: ليس الشديد من غَلَبَ الناس، إنما الشديدُ من غلب نفسه".

٩ - ورواه أحمد في حديث طويل: "عن رجلٍ شهدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبُ ولم يُسَمِّهِ، وقال فيه: ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما الصرعةُ؟ قال: قالوا الصَّريعُ. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصُّرعَةُ كُلُّ الصُّرَعَةِ، الصُّرعَةُ كُلُّ الصُّرَعَةِ، الصُّرعَةُ كُلُّ الصُّرَعَةِ: الرجل الذي يغضبُ، فيشتدُّ غضبهُ، ويَحْمَرُّ وجههُ، ويقشعرُ جلدهُ، فَيَصْرَعُ غَضَبَهُ".

[قال الحافظ]: الصرعة بضم الصاد وفتح الراء: هو الذي يصرع الناس كثيراً بقوته، وأما الصرعة بسكون الراء، فهو الضعيف الذي يصرعه الناس حتى لا يكاد يثبت مع أحد، وكل من يكثر عنه الشيء يقال فيه: فُعَلَة بضم الفاء وفتح العين مثل حُفظة وخُدَعة وضُحَكة وما أشبه ذلك، فإذا سكنت ثانيه فعلى العكس: أي الذي يفعل به ذلك كثيراً.

١٠ - وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) أي ليس الشديد من يصرع الناس كثيراً بقوته.
(٢) عند ثورانه فيقهر نفسه ويكظم غيظه. أهـ جامع صغير. وقال الحفني: أي ليس الشديد شدة محمودة المتلبس بصرع الأبطال ورميهم في الأرض، بل هو القاهر لنفسه وهواه لقهره أعداء من الشياطين والنفس الذين هم أشد من أعداء الظاهر. ولذا لما اشتهر عن إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه الحلم وأراد تفصيل ملبوس عند جماعة صنعوا له كما طويلاً من جهة والجهة الأخرى بدون كم أصلاً ليختبروا حلمه فلما أخذ ذلك ولبسه قال: جزاهم الله خيراً قد صنعوا لي كماً لأضع فيه ما احتاجه وتركوا الكم من الجهة الثانية ليريحوني من ثقله، فالحليم من شأنه هكذا فلا يغضب أصلاً، وإن غضب وتغير لا يعمل بمقتضى غضبه. أهـ ص ٢١٣
وقال النووي في شرح مسلم: تعتقدون أن الصرعة الممدوح القوي الفاضل هو القوي الذي لا يصرعه الرجال بل يصرعهم، وليس هو كذلك شرعاً، بل هو من يملك نفسه عند الغضب فهذا هو الفاضل الممدوح الذي قل من يقدر على التخلق بخلقه ومشاركته في فضيلته، وفيه كظم الغيظ وإمساك النفس عند الغضب عن الانتصار والمخاصمة والمنازعة. أهـ ص ١٦٢ جـ ١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>