للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوماً صلاة العصر، ثم قام خطيباً، فلم يَدَعْ (١) شيئاً يكون إلى قيام الساعة إلا أخبرنا به، حَفِظَهُ من حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ، وكان فيما قال: إن الدنيا خَضِرَةٌ (٢) حُلْوَةٌ وإن الله مُسْتَخلِفُكُمْ فيها فناظرٌ كيف تعملون (٣)، ألا فاتقوا الدنيا (٤)، واتقوا النساء (٥)،

وكان فيما قال: ألا لا يمنعنَّ رجلاً هَيْبَةُ الناس أن يقول بحقٍ إذا عَلِمَهُ (٦). قال: فبكى أبو سعيدٍ، وقال: وقد والله رأينا أشياء فَهِبْنَا، وكان فيما قال: الا إنه يُنْصَبُ لكل غادرٍ (٧) لواء يوم القيامة بقدر غَدْرَتِهِ، ولا غَدْرَةَ أعظمُ من غَدْرَةِ (٨) إمام عامةٍ يَرْكُزُ لواءهُ عند اسْتِهِ (٩)، وكان فيما حفظناهُ يومئذٍ: ألا إن بني آدم خُلقوا على طبقاتٍ، ألا وإن منهمُ البطئ الغضبِ السريع الفيء (١٠)، ومنهم سريعُ الغضبِ سريعُ الفيء، فتلك بِتلكَ، ألا وإن منهم سريع الغضب بطيء الفيء، ألا وخيرهم بطيء الغضب سريعُ الفيء، وشرهم سريع الغضب بطيء الفيء، ألا وإن الغضبَ جمرةٌ في قلب ابن آدم، أما رأتيم إلى حُمرةِ عينيهِ، وانتفاخ أوداجه (١١) فمن أحسَّ بشيء من ذلك فليلصقْ بالأرض (١٢) " رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.

١١ - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: " في قوله تعالى: (ادْفَعْ بالَّتِي هِيَ أحْسَنُ)


(١) يترك.
(٢) أي غضة ناعمة طرية كثيرة الخيرات زائد حسنها وبهجتها.
(٣) تعملون كذا (د وع ص ٢١٤ - ٢)، وفي (ن ط): تفعلون أي خلق الله الناس وكلفها بالعمل وسيحاسب كلاً على عمله إن خيراً، وإن شراً.
(٤) احذروا فتنتها وغرورها، وزخارفها وزينتها واعملوا صالحاً فيها بتشييد المكرمات واجتناب السيئات.
(٥) احذروا فتنة النساء أن يشغلكن عن طاعة الله سبحانه وتعالى.
(٦) كذا (ط وع)، وفي (ن د): لا يمنعن رجل هيبة الناس أن يقول بحق إذا عمله.
(٧) الفاجر الظالم غير الوفي، يقال غدر به غدراً: نقض عهده.
(٨) ولا ظلم ولا نقض عهد أشد عقاباً عند الله تعالى من خلف رجل نصب نفسه لمصلحة العامة فغدر وفجر وفسق ونكث.
(٩) يدفن عظمته عند مؤخر جسمه، كناية عن تكبره وتجبره، وفي المصباح الاست: العجز ويراد به حلقة الدبر، والأصل سته بالتحريك ويقال استه فهو مسته: أي ضخم الأليتين.
(١٠) الرجوع، من فاء يفيء فيئة، ومنه قيل للظل فيء ونفيئها تميلها.
(١١) ما يحيط بالعنق من العروق التي يقطعها الذابح واحدها ودج بالتحريك.
(١٢) فليجلس لتهدأ ثورته ولتقل حدته وليذهب غيظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>