للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قال:
فجدلي يا ابن ناقصة بشيء ... فإني قد عزمت على المسير
قال: أعطوه ألف دينار يستعين بها على سفره فأخذها، وقال:
قليل ما أتيت به وإني ... لأطمع منك بالمال الكثير
قال: أعطوه ألفاً آخر فأخذها، وقال:
سألت الله أن يبقيك ذخراً ... فمالك في البرية من نظير
فقال: أعطوه ألفاً آخر، فقال الأعرابي: يا أمير المؤمنين ما جئت إلا مختبراً حلمك لما بلغني عنه فلقد جمع الله فيك من الحلم ما لو قسم على أهل الأرض لكفاهم. فقال معن: يا غلام كم أعطيته على نظمه؟ قال ثلاثة آلاف دينار، فقال: أعطه على نثره مثلها فأخذها ومضى في طريقه شاكراً.
فلقد رأيت الشجاعة وعلو الهمة وقوة العقل في معن، وظهر ضبط نفسه بثلاثة:
(أ) الحلم: أي امتلاك نفسه عند الغضب.
(ب) كبح جماح الشهوات.
(جـ) صيانة اللسان.
قيل للأحنف بن قيس، وهو ممن يضرب بهم المثل في الحلم: ممن تعلمت الحلم؟ قال من قيس بن عاصم. قيل فما بلغ من حلمه؟ قال بينما هو جالس في داره إذ أتت جارية بسفود عليه شواء فسقط السفود من يدها على ابن له فعقره فمات فدهشت الجارية فقال: لا يسكن روعها إلا العتق فقال: (أنت حرة لا بأس عليك).
نصائح الشعراء المأخوذة من قوله صلى الله عليه وسلم: لا تغضب.
قال عبيد بن الأبرص:
إذا ما رأيت الشر يبعث أهله ... وقام جناة الشر بالشر فاقعد
ولأبي بكر محمد بن دريد:
يعتصم (١) الحلم بجنبي (٢) حبوتي (٣) ... إذا رياح الطيش (٤) طارت بالحبا
والناس كالنبت فمنهم رائق (٥) ... غصن (٦) نضير عوده مر الجني (٧)
ومنهم ما تقتحم (٨) العين فإن ... ذقت جناه انساغ (٩) عذباً (١٠) في اللها (١١)
عول على الصبر الجميل (١٢) إنه ... أمنع (١٣) ما لاذ به أولو الحجا (١٤)
وعطف النفس على سبل الأسى (١٥) ... إذا استفز (١٦) القلب تبريح (١٧) الجوى (١٨)
وللمثقب العبدي الجاهل:
وكلام سيء قد وقرت ... عنه أذناي وما به من صمم
ولبعض الصفح والإعراض عن ... ذي الجفا أبقى وإن كان ظلم
ولعبدة بن الطيب:

<<  <  ج: ص:  >  >>