الأول: ألا يصدقه، لأن النمام فاسق وهو مردود الشهادة قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة" (من سورة الحجرات). الثاني: أن ينهاه عن ذلك وينصح له ويقبح عليه فعله، قال الله تعالى: "وأمر بالمعروف وانه عن المنكر" (من سورة لقمان). الثالث: أن يبغضه في الله تعالى فإنه بغيض عند الله تعالى، ويجب بغض من يبغضه الله تعالى. الرابع: ألا تظن بأخيك الغائب السوء لقول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم" (من سورة الحجرات). الخامس: أن لا يحملك ما حكى لك على التجسس والبحث للتحقق اتباعاً لقوله تعالى: "ولا تجسسوا" (من سورة الحجرات). السادس: ألا ترضى لنفسك ما نهيت النمام عنه ولا تحكي نميمته فتقول فلان قد حكى لي كذا وكذا فتكون به نماماً ومغتاباً وتكون قد أتيت ما عنه نهيت. وقد روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه دخل عليه رجل فذكر له عن رجل شيئاً فقال له عمر: إن شئت نظرنا في أمرك فإن كنت كاذباً فأنت من أهل هذه الآية "إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا" (من سورة الحجرات). وإن كنت صادقاً فأنت من أهل هذه الآية "هماز مشاء بنميم" (١١ من سورة القلم). وإن شئت عفونا عنك. فقال العفو يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبداً. وقال الحسن: من نم إليك نم عليك، وهذا إشارة إلى أن النمام ينبغي أن يبغض ولا يوثق بقوله ولا بصداقته، وكيف لا يبغض؟ وهو لاينفك عن الغيبة والكذب والغدر والخيانة والغل والحسد والنفاق والإفساد بين الناس والخديعة، وهو ممن يسعى في قطع ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض، وقال تعالى: "إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق" (من سورة الشورى). والنمام منهم، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن من شرار الناس من اتقاه الناس لشره" والنمام منهم. وسعى رجل بزياد الأعجم إلى سليمان بن عبد الملك فجمع بينهما للموافقة فأقبل زياد عن الرجل وقال: فأنت امرؤ إما ائتمنتك خالياً ... فخنت وإما قلت قولاً بلا علم فأنت من الأمر الذي كان بيننا ... بمنزلة بين الخيانة والإثم وقال لقمان لابنه: يا بني أوصيك بخلال إن تمسكت بهن لم تزل سيداً، أبسط خلقك للقريب والبعيد، وأمسك جهلك عن الكريم واللئيم واحفظ إخوانك وَصِلْ أقاربك وآمنهم من قبول قول ساع أو سماع باغ يريد فسادك ويروم خداعك وليكن إخوانك من إذا فارقتهم وفارقوك لم تعبهم ولم يعيبوك. وقال بعضهم: النميمة مبنية على الكذب والحسد والنفاق، وهي أثات الذل. أهـ غزالي ص ١٣٤ جـ ٣. =