للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيهقي أيضاً عن رجل لم يسمّ عن أنس، ورواه عن سفيان بن عيينة غير مرفوع، وهو الأشبه، والله أعلم.

٢٥ - وعن أبي بَكْرَةَ رضي الله عنه قال: "بَيْنَا أنا أُمَاشِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو آخذٌ بيدي، ورجلٌ على يساره، فإذا نحن بقبرين أمامنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهما لَيُعَذَّبَانِ وما يُعذبان في كبيرٍ (١) وَبَلى (٢)، فأيكم يأتيني بجريدةٍ، فاستبقنا فسبقتهُ، فأتيتهُ بجريدةٍ، فكسرها نصفين، فألقى على ذا القبر قطعةً، وعلى ذا القبر قطعةً. قال: إنه يُهَوَّنُ عليهما ما كانتا رَطبتين (٣)، وما يُعذَّبان إلا في الغيبة والبول" رواه أحمد وغيره بإسناد رواته ثقات.

٢٦ - وعن يعلى بن سيابة رضي الله عنه: "أنه عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأتى على قبرٍ يُعَذَّبُ صاحبهُ، فقال: إن هذا كان يأكلُ لحوم الناس (٤)، ثم دعا


= لأن حق المسلم مبني على رضاه وهو شحيح، وحق الله مبني على المسامحة والكرم، لأنه زنى في امرأة ليست زوجة لأخيه المسلم، وكانت حرة طليقة ليست ملكاً لآخر، وأما إذا زنى بزوجة فهناك حقان:
(أ) حق الله تعالى الذي حرم الفواحش.
(ب) وحق الزوج الذي صان هذه المرأة وأكرمها ورعاها وعقد عليها النكاح فصارت درة مصونة مكنونة.
(١) نقل الأبى عن المازري: أي شاق تركه، لأن المنهي عنه منه: ما يشق تركه كالمستلذات، ومنه ما ينفر الطبع كالمسمومات ومنه ما لا يشق تركه كهذا. قال عياض: وقيل المعنى في كبير عندكم، وهو عند الله كبير: أي أن هذا العمل كان يعدانه صغيراً لا يأبهان به في حياتهما معتقدين أن الله يسمح ويصفح ويعفو، ولكن الله تعالى جعل من شروط صحة الصلاة الطهارة والنقاء من النجاسة.
(٢) بلى في (ط وع ص ٢٣٥ - ٢)، أي نعم إنه كبير يعاقب الله عليه، وقد عاقبهما سبحانه في القبر بعد موتهما، وفي (ن د): وبكى.
(٣) أي ما لم تيبسا: أي مدة وجود خضرتهما. قال الأبي: وأخذت منه تلاوة القرآن على القبر، لأنه إذا رجى التخفيف بتسبيح الشجر فالقرآن أولى. وأوصى بريدة السلمي أن يجعل على قبره جريدتان فلعله أوصى تيمناً بهذا الحديث وفعله صلى الله عليه وسلم ولتسمية الله تعالى لها شجرة طيبة وتشبيهها بالمؤمن. قال والأظهر أنه من سر الغيب الذي أطلعه الله عليه. أهـ شنقيطي في زاد مسلم.
وهذا الحديث يشدد النكير ويعلن الحرب على كل من يتساهل في تمام الاستبراء، ووجه كونه كبيرة تساهله في النقاء والتطهير، قال تعالى: "وثيابك فطهر والرجز فاهجر ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر" (٤ - ٧ من سورة المدثر). أي تباعد من النجاسات ما أمكن الاحتراز منه، فإن التطهير واجب في الصلوات محبوب في غيرها، والرجز القبائح والمعاصي والشرك بالله، ولا تعط مستكثراً واصبر على مشاق التكاليف.
(٤) يغتاب في حياته.

<<  <  ج: ص:  >  >>