للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجريدةٍ رطبةٍ، فوضعها على قبرهِ، وقال: لعله أن يُخفف عنه مادامت هذه رطبةً" رواه أحمد والطبراني، ورواة أحمد ثقات إلا عاصم بن بهدلة.

٢٧ - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: "أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيع الغرقدِ، فوقف على قبرين ثَرِيَّيْنِ (١) فقال: أدفنتم فلاناً وفلانةً، أو قال: فلاناً وفلاناً؟ قالوا: نعم يا رسول الله قال: قد أُقْعِدَ فلانٌ الآن، فَضُربَ (٢)، ثم قال: والذي نفسي بيده لقد ضُرب ضربةً ما بقي منه عضوٌ إلا انقطعَ، ولقد تطاير (٣) قبرهُ ناراً، ولقد صرخَ (٤) صرخةً سمعها الخلائقُ إلا الثقلين: الإنس والجنَّ، ولولا تَمْرِيِجُ قلوبكم (٥) وتزَيُّدُكم في الحديثٍ لسمعتم ما أسمعُ (٦)، ثم قالوا: يا رسول الله وما ذنبهما؟ قال: أما فلانٌ، فإنه كان لا يستبرئ (٧) من البول، وأما فلانٌ أو فلانةٌ فإنه كان يأكل لحوم الناس (٨) " رواه ابن جرير الطبري من طريق علي بن يزيد عن القاسم عنه، ورواه من هذه الطريق أحمد بغير هذا اللفظ، وزاد فيه: "قالوا: يا نبي الله، حتى متى (٩) هما يُعذبان؟ قال: غيبٌ لا يعلمهُ إلا الله" وتقدم لفظه في النميمة.


(١) غنيين، يقال ثري القوم يثرون وأثروا: إذا كثروا وكثرت أموالهم.
(٢) فضرب كذا (ط وع ص ٢٣٦ - ٢)، وفي (ن د): فيضرب، والمعنى يرمى بمطرقة من نار.
(٣) تناثر منه شرر ولهب.
(٤) ارتفع صوته.
(٥) ولولا تمريج قلوبكم كذا (ط وع)، وفي (ن د): تمزع، ومعنى تمريج: ساد وخلط، وفيه كيف أنتم إذا مرج الدين: أي فسد وقلقت أسبابه، ومرجت عهودهم: أي اختلطت. أهـ نهاية، وتمزع: تقطع.
(٦) لقد أعطى الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم قوة السمع خاصة به ليدرك ما لم يدركه الإنس والجن فسمع صوت عذابهما ونوعه.
(٧) لا يتطهر، وفي المصباح استبرأ من البول، الأصل استبرأ ذكره من بقية بوله بالنثر والتحريك حتى يعلم أنه لم يبق فيه شيء، واستبرأت من البول: تنزهت عنه. أهـ.
(٨) قد جعل الله من يتعاطى الغيبة ويذكر إنساناً بما يكره، ولو كان فيه سواء أكان في بدنه كالقصر والحول والسواد أم في نسبه كابن حجام وابن مزين وابن كذا مثلاً أم في خلقه كالشره والطمع أم في دينه كالتهاون بالصلاة أو يشير بالرأس استهزاء أو بأي عضو تحقيراً كمن يأكل لحم أخيه الميت، ولاشك أن أكل لحم الإنسان أمر تعافه النفوس السليمة وتأباه الطباع الكريمة فضلاً عن كونه ميتاً، وكونه لحم أخ، ولذا قال تعالى: "فكرهتموه" من سورة الحجرات. أي فكرهتم أكل لحم الأخ الميت، وإذا كان ذلك كذلك فوجب عليكم أن تكرهوا الغيبة المشابهة له.
(٩) إلى أي زمن ينقطع العذاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>