للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال الحافظ]: وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة مشهورة في الصحاح، وغيرها عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وفي أكثرها أنهما يعذبان في النميمة والبول، والظاهر أنه اتفق مروره صلى الله عليه وسلم مرة بقبرين يعذب أحدهما في النميمة، والآخر في البول، ومرة أخرى بقبرين يعذب أحدهما في الغيبة، والآخر في البول، والله أعلم.

٢٨ - وروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الغيبةُ والنميمةُ يَحُتَّانِ (١) الإيمان كما يَعْضِدُ الراعي (٢) الشجرة" رواه الأصبهاني.

٢٩ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم (٣) له، ولا متاع (٤)، فقال: المفلس (٥) من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفكَ دم هذا (٦)، وضرب هذا، فَيُعْطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته (٧) قَبْلَ أن يَقْضِيَ (٨) ما عليه أُخِذَ من خطاياهم فَطُرِحَتْ عليه، ثم طُرحَ في النار" رواه مسلم والترمذي وغيرهما.


(١) أي ذكر الإنسان بما يكره والسعي بالفساد يزيلان الإيمان فتتساقط أوراق شجره المورقة، يقال حت الرجل الورق وغيره حتاً: أزاله من باب قتل.
(٢) يقطع البستاني، يقال عضدت الشجر أعضده عضداً من باب ضرب.
(٣) لا نقود.
(٤) لا ضيعة ولا أثاث.
(٥) الفقير المجرد من ملك شيء الذي يكثر العبادة في حياته، ولكن أرخى العنان للسانه فأرغى وأزبد، وكان التهم وردح وذم واغتاب وشتم فأحصى الله سيئاته حتى جاء يوم الحساب فاقتص منه وأخذت حسناته كلها جزاء سبه، قال تعالى: "ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" (١٨ - من سورة ق).
(٦) دم هذا كذا (د وع ص ٢٣٦ - ٢)، وفي (ن ط): دم ذاك، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(٧) انتهت.
(٨) قيل أن يؤدي ما عليه من عقاب السب والغيبة فيتحمل أوزار من اغتابهم ويرمى في النار من جراء لسانه، ولسعيد المغربي لابنه:
وامش الهوينى مظهراً عفة ... وابغ رضا الأعين عن هيئتك
وانطق بحيث العي مستقبح ... واصمت بحيث الخير في سكتتك
ولج على رزقك من بابه ... واقصد له ما عشت في بكرتك
ووف كلاً حقه ولتكن ... تكسر عند الفخر من حدتك
ولتجعل العقل محكماً وخذ ... كلاً بما يظهر في نقدتك =

<<  <  ج: ص:  >  >>