للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: يا أبا ذرٍ ألا أدلك على خصلتين هما خفيفتان (١)

على الظهر وأثقلُ في الميزان من غيرهما؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: عليك بِحُسْنِ الخلق، وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده ما عمل الخلائقُ بمثلهما" رواه ابن أبي الدنيا والبزار والطبراني وأبو يعلى ورواته ثقات والبيهقي بزيادة، ورواه أبو الشيخ ابن حبان من حديث أبي الدرداء قال: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا الدرداء ألا أنبئك بأمرين خفيفٍ مؤنتهما (٢) عظيمٍ أجرهما لم تلقَ الله عز وجل بمثلهما؟ طول الصمتِ، وحُسنُ الخلق" ورواه ابن أبي الدنيا أيضاً عن صفوان بن سليم مرسلاً قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأيسر العبادة وأهونها على البدن؟ الصمتُ، وحسنُ الخلق".

٣٢ - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه رفعه قال: "إذا أصبح ابن آدم، فإن الأعضاء كلها تفكر (٣) اللسان فتقولُ: اتقِ الله فينا، فإنما نحن بك، فإن


(١) العمل بهما خفيف، ولكن يجلبان حسنات جمة، هما:
(أ) التحلي بالمكارم.
(ب) التمسك بالسكوت.
وما الحسن في وجه الفتى شرف له ... إذا لم يكن في فعله والخلائق
قال الشاعر:
تفكره علم ومنطقه حكم ... وباطنه دين وظاهره ظرف (١)
أمات رياح اللؤم وهي عواصف ... ومغنى (٢) العلا يؤدي (٣) ورسم الندى يعفو (٤)
كالبدر من حيث التفت رأيته ... يهدي إلى عينيك نوراً ثاقبا
كالبحر يقذف للقريب جواهرا ... جوداً ويبعث للبعيد سحائبا
كالشمس في كبد السماء وضوؤها ... يغشى البلاد مشارقا ومغاربا
الأديب المهذب الأصيد (٥) الضرب (٦) ... الذاكي الجعد السرى الهمام
حسبك الله ما تضل عن الحق ... ولا تهتدي إليك آثام
ولقد جال بفكري هذه الأبيات الشعرية فذكرتها لأستعير من صفاتها محاسن من اتصف بالخلق الحسن وطول الصمت المأخوذتين من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم.
(٢) تكاليفهما وثوابهما كثير.
(٣) تذكره أن يخشى الله فلا يقول هجراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>