للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولُ: إن الله كَرِهَ لكم ثلاثاً (١): قيل وقال (٢)،

وإضاعة المال (٣)،

وكثرة


(١) أي الله تعالى يحاسب الإنسان على جميع ألفاظه الصادرة منه ويؤاخذه عليها إلا إذا صرفت في ثلاثة فينال من جرائها أجراً عظيماً:
(أ) النصيحة والإرشاد إلى الخير.
(ب) النهي عن المعاصي وإزالة ما يغضب الله جل وعلا.
(جـ) تسبيح الله وطاعته وتمجيده.
(٢) قال المحب الطبري: في قيل وقال ثلاثة أوجه:
أحدهما: أنهما مصدران للقول، تقول قلت قولاً وقالا، والمراد في الأحاديث الإشارة إلى كراهة كثرة الكلام، لأنها تئول إلى الخطأ، قال وإنما كرره للمبالغة في الزجر عنه.
ثانيها: إرادة حكاية أقاويل الناس، والبحث عنها ليخبر عنها فيقول قال فلان كذا وقيل كذا، والنهي عنه إما للزجر عن الاستكثار منه، وإما لشيء مخصوص منه، وهو ما يكرهه المحكي عنه.
ثالثها: أن ذلك في حكاية الاختلاف في أمور الدين كقوله قال فلان كذا وقال فلان كذا، ومحل كراهة ذلك أن يكثر من ذلك بحيث لا يؤمن مع الإكثار من الزلل، وهو مخصوص بمن ينقل ذلك من غير تثبت، ولكن يقلد من سمعه ولا يحتاط له. أهـ. قال في الفتح ويؤيد ذلك الحديث الصحيح "كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع" أهـ ص ٣١٤ جـ ١٠
(٣) الإسراف في الإنفاق، أو الإنفاق في الحرام، وفي الفتح الأقوى: أنه ما أنفق في غير وجهه المأذون فيه شرعاً سواء كانت دينية أو دنيوية فمنع منه، لأن الله تعالى جعل المال قياماً لمصالح العباد، وفي تبذيره تفويت تلك المصالح إما في حق مضيعها، وإما في حق غيره، ويستثنى من ذلك كثرة إنفاقه في وجوه البر لتحصيل ثواب الآخرة ما لم يفوت حقاً أخروياً أهم منه.
والحاصل في كثرة الإنفاق:
(أ) إنفاقه في الوجوه المذمومة شرعاً فلا شك في منعه.
(ب) إنفاقه في الوجوه المحمودة شرعاً.
(جـ) إنفاقه في المباحات بالأصالة كملاذ النفس فهذا ينقسم إلى قسمين: أحدهما أن يكون على وجه يليق بحال المنفق وبقدر ماله فهذا ليس بإسراف، والثاني ما لا يليق به عرفاً، وهو ينقسم إلى قسمين أحدهما ما يكون لدفع مفسدة: إما ناجزة أو متوقعة فهذا ليس بإسراف. والثاني ما لا يكون في شيء من ذلك فالجمهور على أنه إسراف. وذهب بعض الشافعية إلى أنه ليس بإسراف قال لأنه تقوم به مصلحة البدن، وهو غرض صحيح، وإذا كان في غير معصية فهو مباح له. قال ابن دقيق العيد: وظاهر القرآن يمنع ما قال. أهـ.
قال تعالى: "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً" (٦٧ من سورة الفرقان).
وفي البخاري في باب ما ينهى عن إضاعة المال وقول الله تبارك وتعالى: "والله لا يحب الفساد". "إن الله لا يصلح عمل المفسدين". وقال تعالى: "أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء" (من سورةهود). وقال تعالى: "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم" (من سورة النساء).
والحجر في ذلك وما ينهى عن الخداع: وقال في الفتح: السفيه هو الذي يضيع المال ويفسده بسوء تدبيره، والحجر المنع من التصرف في المال والجمهور على جواز الحجر على الكبير، ومن حجتهم حديث ابن عباس أنه كتب إليَّ نجدة وكتبت تسألني متى ينقضي يتم اليتيم، فلعمري إن الرجل لتنبت لحيته وإنه لضعيف الأخذ لنفسه ضعيف العطاء، فإذا أخذ لنفسه من صالح ما أخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم. أهـ ص ٤٣ جـ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>