للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والظن (١)، فإن الظن أكذبُ الحديثِ (٢)، ولا تَحَسَّسُوا (٣)، ولا تجسسوا (٤)، ولا تنافسوا (٥)، ولا تحاسدوا (٦)، ولا تباغضوا (٧)، ولا تدابروا (٨)، وكونوا عباد الله


= وقد قال الله تعالى لحبيبه صلى الله عليه وسلم: "ثم ذرهم في خوضهم يلعبون" أي اترك أولئك الكفرة الذين ينكرون "إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس" (من سورة الأنعام).
(ط) وقال تعالى: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون" (١٠٨ من سورة الأنعام). ينهى الله تعالى عن سب الآلهة التي يعبدها الكفار خشية أن يتطاولوا على عظمة الله وجلاله. قال البيضاوي: وفيه دليل على أن الطاعة إذا أدت إلى معصية راجحة وجب تركها. أهـ. وكذلك العاقل يصمت أو يهجر الكلام القبيح فلا يجلس في مجالس العصاة الفساق.
(١) قال القرطبي: أي التهمة التي لا سبب لها كمن يتهم بفاحشة من غير ظهور مقتضيها، ولذا عطف عليه ولا تجسسوا، وذلك أن الشخص يقع له خاطر التهمة فيريد تحققه فيتجسس ويبحث فنهى عن ذلك، وهذا موافق لقوله تعالى: "اجتنبوا كثيراً من الظن" (الآية من سورة الحجرات). ودل سياق الآية على الأمر بصون عرض المسلم غاية الصيانة لتقدم النهي عن الخوض فيه بالظن، فإن قال أبحث لأتحقق قيل له "ولا تجسسوا" فإن قال تحققت من غير تجسس، قيل له: "ولا يغتب بعضكم بعضاً" وقال الحافظ في الفتح: ليس المراد به ترك العمل بالظن الذي تناط به الأحكام غالباً، بل المراد ترك تحقيق الظن الذي يضر بالمظنون به، وكذا ما يقع في القلب من غير دليل. أهـ.
(٢) قيل أريد من الكذب عدم المطابقة للواقع سواء كان قولاً أم لا، ويحتمل أن يراد بالظن ما ينشأ من القول فيوصف به الظن مجازاً.
(٣) لا تتسمعوا الحديث ولا تنصتوا لألفاظ من في البيوت.
(٤) ولا تبحثوا عن عورات الناس ولا تتبعوا سوءاتهم وتبحثوا عن هناتهم وأخطائهم. قال القرطبي: بالجيم: تتبعه لأجل غيره، وبالحاء تتبعه لأجل نفسه، وقيل بالجيم البحث عن العورات، وبالحاء استماع حديث القوم، ثم يستثنى من التجسس المنهي عنه ما إذا تعين لإنقاذ نفس من الهلاك كأن يخبر باختلاء إنسان بآخر ليقتله ظلماً أو بامرأة ليزني بها أو إخبار سارق أو كشف سر مؤامرة مدبرة لوقوع إجرام وسطو فهذا التجسس مشروع حذراً عن فوات استدراكه.
(٥) لا تتزاحموا في الانفراد بالشيء الحسن ولا ترغبوا في التفوق عن الند والفوز بالخير دونه، وأن تتمنوا حرمانه وخسارته وسقوطه.
(٦) لا يحصل منكم تمني زوال النعمة عن صاحبها سواء كانت نعمة دين أو دنيا، نهى صلى الله عليه وسلم المسلمين عن الحسد: أي إضمار السوء ورجاء اندحار الخصم وكساد تجارته وإزالة خيراته، وفيه نوع يسمى الغبطة، وهي تمني أن تنال مثل هذا النعمة أو العز أو الجاه لتعمل صالحاً، فإن كان في الدين فمحمود وإلا فلا لقوله صلى الله عليه وسلم "لا حسد إلا في اثنتين". (أ) رجل آتاه الله الحكمة.
(ب) غني ينفق أمواله في وجوه البر.
(٧) لا يحصل منكم شقاق أو تنافر.
(٨) لا تقاطعوا، ولا يحصل إعراض أو معاداة أو استئثار الإنسان عن أخيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>