وقال تعالى: "سابقوا إلى مغفرة من ربكم" (من سورة الحديد). وإنما المسابقة عند خوف الفوت، وهو كالعبدين يتسابقان إلى خدمة مولاهما إذ يجزع كل واحد أن يسبقه صاحبه فيحظى عند مولاه بمنزلة لا يحظى الآخر بها، ثم عدد أسباب الحسد والمنافسة:
١ - العداوة البغضاء.
٢ - الكبر.
٣ - التعزز وهو أن يثقل عليه أن يترفع عليه غيره.
٤ - التعجب.
٥ - الخوف من فوت المقاصد.
٦ - حب الرياسة وطلب الجاه لنفسه.
٧ - خبث النفس وشحها بالخير لعباد الله تعالى. ثم أشار الغزالي إلى الدواء الذي ينفيه، وهو العلم والعمل، أي ضرر الحسد عليك في الدنيا والدين، وأنت لك في أعدائك ثلاثة: الأول: أن تحب مساءتهم بطبعك وتكره حبك لذلك، وميل قلبك إليه بعملك وتمقت نفسك عليه، وتود لو كانت لك حيلة في إزالة ذلك الميل منك، وهذا معفو عنه قطعاً، لأنه لا يدخل تحت الاختيار أكثر منه. الثاني: أن تحب ذلك وتظهر الفرح بمساءته إما بلسانك أو بجوارحك فهذا هو الحسد المحظور قطعاً. الثالث: وهو بين الطرفين أن تحسد بالقلب من غير مقت لنفسك على حسدك، ومن غير إنكار منك على قلبك، ولكن تحفظ جوارحك عن طاعة الحسد في مقتضاه، وهذا في محل الخلاف والظاهر أنه لا يخلو عن إثم بقدر قوة ذلك الحب وضعفه، والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين، وحسبنا الله ونعم الوكيل. أهـ. ص ١٧٤ جـ ٣. قطعة من أدب الجاحظ في ذم الحسد من نبع السنة النبوية: الحسد - أبقاك الله - داء ينهك (١) الجسد. علاجه عسير وصاحبه ضجر (٢) وهو باب غامض (٣) وما ظهر منه فلا يداوى. وما بطن منه فمداويه في عناء، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دب (٤) إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء". الحسد عقيدة (٥) الكفر وحليف (٦) الباطل وضد الحق. منه تتولد العداوة وهو سبب كل قطيعة (٧) ومفرق كل جماعة، وقاطع كل رحم من الأقرباء (٨) ومحدث التفرق بين القرناء (٩) وملقح (١٠) الشر بين الحلفاء. ولابن سعيد المغربي: ولا تجادل أبداً حاسدا ... فإنه أدعى إلى هيبتك وامش الهوينى مظهراً عفة ... وابغ رضا الأعين عن هيبتك أفش التحيات إلى أهلها ... ونبه الناس إلى رتبتك ولأبي الحسن التهامي: إني لأرحم حاسدي من حرما ... ضمنت صدورهم من الأوغار نظروا صنيع الله بي فعيونهم ... في جنة وقلوبهم في نار =