للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترابٍ" رواه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن، وستأتي أحاديث من هذا النوع في الترهيب من احتقار المسلم إن شاء الله.


= لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعلمون" (٤٠ - ٤٣ من سورة الأعراف). أرأيت الاستكبار مانعاً المجرمين من دخول الجنة حتى يدخل عظيم الجرم في ثقبة الإبرة، وذلك مما لا يكون (مهاد): فراش (غواش): أغطية، ولقد طهر الله قلوب المؤمنين المتواضعين من أسباب الغل والكبر ولم يبق فيها إلا التواضع والتوادد، وعن علي كرم الله وجهه: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم. وأنا أقول: إني لآمل أن أكون أنا منهم، وكذا كل من يحب النبي صلى الله عليه وسلم ويعمل بشريعته.
(ك) وقال تعالى: "ونادى أصحاب الأعراف رجالاً يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون" (٤٨ من سورة الأعراف). أي من رؤساء الكفرة الفجرة. (جمعكم): أي كثرتكم أو جمعكم المال. فتجد سبب النار تكبر الطغاة عن الحق أو عن الخلق، نسأل الله السلامة، ومن تتمة قول أصحاب الأعراف للرجال "أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة" (من سورة الأعراف). والإشارة إلى ضعفاء أهل الجنة الذين كانت الكفرة يحتقرونهم في الدنيا ويحلفون إن الله لا يدخلهم الجنة "ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون" (من سورة الأعراف).
أي فالتفتوا إلى أصحاب الجنة وقالوا لهم ادخلوا، أو فقيل لأصحاب الأعراف ادخلوا الجنة بفضل الله سبحانه وتعالى ورحمته بعد أن حبسوا حتى أبصروا الفريقين وعرفوهم وقالوا لهم ما قالوا، وقيل لما عيروا أصحاب النار أقسموا إن أصحاب الأعراف لا يدخلون الجنة، فقال الله تعالى، أو بعض الملائكة "أهؤلاء الذين أقسمتم". أهـ بيضاوي.
(ل) وقال عز وجل: "كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار" (٣٥ من سورة غافر).
(م) وقال تعالى: "لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتواً كبيراً" (٢١ من سورة الفرقان).
(ن) وقال تعالى: "إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" (٦٠ من سورة غافر).
النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى للمتواضعين:
روى البخاري عن أنس رضي الله عنهما قال: "كانت ناقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى العضباء، وكانت لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود له فسبقها فاشتد ذلك على المسلمين وقالوا: سبقت العضباء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن حقاً على الله أن لا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه".
درس جميل أخلاقي:
ناقة الملك المتوج فائزة سباقة، وبعبارة أرقى وأحسن وأفسح: ناقة سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم تأخرت مرة في السباق أمام بعير صغير لعربي فتألم المسلمون لهذا المنظر واشتد غضبهم فطمأنهم سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزال ما عندهم بالحكمة الجليلة والأثر الخالد، قال في الفتح المراد بالتواضع إظهار التنزل عن المرتبة لمن يراد تعظيمه، وقيل هو تعظيم من فوقه لفضله، وذكر حديث أنس في ذكر الناقة لما سبقت، وعند النسائي بلفظ "حق على الله أن لا يرفع شيء نفسه في الدنيا إلا وضعه" فإن فيه إشارة إلى الحث على عدم الترفع، والحث على التواضع والإعلام بأن أمور الدنيا ناقصة غير كاملة. قال ابن بطال: فيه هوان الدنيا على الله والتنبيه على ترك المباهاة والمفاخرة، وأن كل شيء هان على الله فهو في محل الضعة، فحق على كل ذي عقل أن يزهد فيه، ويقل منافسته =

<<  <  ج: ص:  >  >>