للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "قلنا: يا نبي الله من خيرُ الناس؟ قال: ذو القلب المخْمُومِ، واللسان الصادقِ. قال: يا نبيَّ الله: قد عرفنا اللسان الصادق فما القلبُ المخموم؟ قال: التقيُّ الذي لا إثم فيه (١)، ولا بغيَ، ولا حسد. قال: قلنا يا رسول الله، فمن على أثَرِهِ (٢)؟ قال: الذي يَشْنَأُ الدنيا (٣)، ويُحبُّ الآخرة. قلنا ما نعرفُ هذا فينا إلا رافعٌ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن على أثرهِ؟ قال: مؤمنٌ في خُلُقٍ حسنٍ (٤). قلنا: أما هذه ففينا" رواه ابن ماجة بإسناد صحيح، وتقدم لفظه، والبيهقي، وهذا لفظه، وهو أتمّ.

٩ - وعن منصور بن المعتمرِ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تحروا الصدق (٥)، وإن رأيتمُ أن الهلكةَ فيه فإن فيه النجاة" رواه ابن الدنيا في كتاب الصمت هكذا معضلا، ورواته ثقات.


= أي دع ما تشك فيه إلى ما لا تشك فيه من الحلال البيِّن، لأن من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. أهـ. يأمرك صلى الله عليه وسلم أن تتجنب الشبهات وتترك مواطن الريبة وتتحرى الصالحات وتواظب على فعل الخيرات. قال الحفني: والمراد بالصدق في هذا الحديث الأمر الحق، وإن كان يستعمل أيضاً في الخبر المطابق للواقع كما أن الخبر غير المطابق كذب وباطل، أي فإن استعمالك الصدق: أي الأمر الذي لا شبهة فيه ينجي بخلاف ما فيه شبهة فقد يكون من أسباب الهلاك، فإن الصدق: أي الأمر المطابق للحق طمأنينة: أي ذو طمأنينة، أي تطمئن إليه نفوس أهل الأنوار، والكذب بعكس ذلك تطمئن إليه نفوس أهل الشر، وفي الجامع الصغير: أي اترك ما تشك في كونه حسناً أو قبيحاً أو حلالاً أو حراماً إلى ما لا تشك فيه، يعني ما تتيقن حسنه وحله (طمأنينة): أي يطمئن إليه القلب ويسكن (ريبة): أي يقلق له القلب ويضطرب. أهـ ص ٢٦٥ جـ ٢.
(١) أي الخالي من الذنوب والظلم والحسد.
(٢) الذي يتبعه في درجته.
(٣) يكره ويبغض أي يكد فيها ويجد ويعمل ويتاجر ويربح أو يصنع أو يزرع مع تشييد الصالحات للآخرة، قال تعالى: "وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين" (٧٧ من سورة القصص).
(٤) صفات حميدة جليلة مرضية.
(٥) اقصدوا، من تحريت في الأمر، طلبت أحرى الأمرين، وهو أولاهما، والصدق مهما صادف عقبات، وأشواك فعاقبته السلامة، ومآله النجاح، وآخر أمرك الفوز. قال الشاعر:
عليك بالصدق ولو أنه ... أحرقك الصدق بنار الوعيد
عليك بالصدق في كل الأمور ولا ... تكذب فأقبح ما يزري بك الكذب
قل للذين تخلفوا في سنة ... نبوية لا تهملوا إهمالا
وأمامكم در الحديث موضح ... سبل الحياة لمن يريد كمالا
ولنعم دار المتقين أحبتي ... فيها نعيم العيش عز مثالا =

<<  <  ج: ص:  >  >>