للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٧ - وعن سفيان بن أسيدٍ الحضرميِّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كَبُرَتْ خِيانةً أن تُحَدِّثَ أخاك حديثاً هو لك مصدقٌ، وأنت له به كاذبٌ" رواه أبو داود من رواية بقية بن الوليد، وذكر أبو القاسم البغويّ في معجمه سفيان هذا، وقال: لا أعلم روى غير هذا الحديث.

٢٨ - وعن أبي بُريدةَ الأسلمي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا إن الكذب يُسَوِّدُ الوجه (١)، والنميمة عَذابُ القبرِ (٢) " رواه أبو يعلى والطبراني وابن حبان في صحيحه والبيهقي كلهم من رواية زياد بن المنذر عن نافع بن الحارث، وتقدم الكلام عليها في النميمة.

٢٩ - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بر الوالدين (٣) يزيدُ العمر (٤)،

والكذب يَنْقُصُ الرزقَ (٥)، والدعاء يَرُدُّ القضاء (٦) " رواه الأصبهاني.


(١) يجعله أسود مثل ظلام الليل الحالك يوم القيامة.
(٢) السعي بالإفساد بين الناس، وللمأمون، في ذم النميمة، وبيان أضرارها في الدنيا قبل الآخرة: النميمة لا تقرب مودة إلا أفسدتها، ولا عداوة إلا جددتها، ولا جماعة إلا بددتها، ثم لابد لمن عرف بها، ونسب إليها أن يجتنب ويخاف من معرفته (بددتها): فرقتها.
ولمحمود سامي البارودي:
واخش النميمة واعلم أن قائلها ... يصليك من حرها ناراً بلا شعل
كم فرية صدعت أركان مملكة ... ومزقت شمل ود غير منفصل
(٣) إكرامهما وطاعتهما، والإحسان إليهما.
(٤) يضع البركة فيه بإزالة الأمراض بإذن الله تعالى وحبه، والأمانة على وجود الأعمال الصالحة فيه بتوفيق الله تعالى، ومساعدته، ومنح الصحة التامة، والنعمة العامة للبار.
(٥) ينزع منه البركة، ويجلب الضيق والعسر، ويزيل الثقة من الكاذب فتكسد بضاعته، وتخسر تجارته، فالموظف، أو الصانع، أو التاجر، أو الزارع يضرهم الكذب ويؤخرهم، ويفسد حالهم ويجعلهم عرضة للخطر.
(٦) أي التضرع إلى الله جل وعلا يخفف في قدره ويلطف، وينتقل النازل من صعب شديد إلى خفيف سهل وفي كتابي (النهج السعيد) الله تعالى ينزل لطفه بالداعي كما إذا قضى عليه قضاء مبرماً بأن ينزل عليه صخرة، فإذا دعا الله حصل له اللطف بأن تصير مفتتة كالرمل وتنزل عليه. اللهم الطف بنا في قضائك وقدرك لطفاً يليق بكرمك. ومعنى الدعاء الطلب على سبيل التذلل والخشوع، وقيل رفع الحاجات إلى رافع الدرجات، ينفع الأحياء والأموات إن دعوت لهم، ويضرهم إن دعوت عليهم، وإن صدر من كافر على الراجح، لحديث "دعوة المظلوم مستجابة ولو كافراً" أهـ ص ١٠٨. =

<<  <  ج: ص:  >  >>