والمعنى المداهن المتملق باعث الفتن وناشر الدسائس بين المتصافيين أو الخصمين أكثر عداوة لله تعالى ويحسب من شرور الناس، وقال القسطلاني: ويظهر عند كل منهم أنه منهم يتملق بالباطل ويخل الفساد بينهم، نعم لو أتى كل قوم بكلام فيه صلاح واعتذار ونقل ما أمكنه من الجميل وستر القبيح كان محموداً. أهـ. (٢) أي يتزلف إلى الفريقين ليوهم كلاً منهما أنه من أنصاره وأوليائه ويخبرهما أخباراً كاذبة تزيد الجفاء والنفور وتغرس الضغائن والأحقاد في قلوبهما فتشتعل نار العداوة. أنه وضيع مهين ماكر لئيم خبثت طباعه وانحطت أخلاقه لا وازع يردعه ولا ضمير يزجره ولا خوف من الله تعالى يؤنبه، قال صلى الله عليه وسلم: "شر عباد الله المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة" فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه ذو وجهين لعدم الركون إليه في أقواله وطلب نبذه واحتقاره، جاء رجل إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فألقى إليه خبراً بشأن رجل آخر فقال له عمر: إن شئت نظرنا في أمرك فإن لم تكن كاذباً فأنت ممن يدخلون في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا" (من سورة الحجرات). وإن كنت كاذباً فأنت ممن يصدق عليه قوله تعالى: "هماز مشاءٍ بنميم" (١١ من سورة القلم). وإن شئت عفونا عنك، قال العفو يا أمير المؤمنين ولا أعود. فاحذر أخي أن تتردد بين متعاديين لتحسن طرق المعاداة خشية أن تكون مبغضاً عند الله تعالى مطروداً من رحمته، فهذا عمل المنافق. (٣) أي نظهر خلاف ما نبطن ونتحدث بالثناء والإطراء، وفي غيبته نذمه ونعدد مساويه. (٤) يخلقه الله تعالى على أبشع صورة وأقبح هيئة وأردأ حالة، لأنه يتلون في حياته ويتذبذب ويداهن =