للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسودَ، ولا لأسودَ على أحمرَ، إلا بالتقوى (١) إن أكرمكم عند الله أتقاكم. ألا هل بلغتُ؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: فليبلغِ الشاهدُ الغائب" ثم ذكر الحديث في تحريم الدماء والأموال والأعراض. رواه البيهقي، وقال في إسناده بعض من يجهل.

١٠ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم القيامة أمر الله منادياً ينادي: ألا إني جعلتُ نسباً، وجعلتم نسباً، فجعلتُ أكرمكم أتقاكم، فأبيتم (٢) إلا أن تقولوا: فلانُ ابن فلانٍ خيرٌ من فلان ابن فلانٍ، فاليوم أرفعُ نسبي (٣)، وأضعُ نسبكم (٤). أين المتقون؟ " رواه الطبراني في الأوسط والصغير والبيهقي مرفوعاً وموقوفاً، وقال: المحفوظ الموقوف، وتقدم في أول كتاب العلم حديث أبي هريرة الصحيح فيه: "من بَطّأ به عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ به نَسَبُهُ (٥) ".


(١) فسرها الإمام على رضي الله عنه بقوله: هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد للرحيل. أهـ. فأنت تجد منازل الناس عند ربهم بامتثال ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه لا ينظر إلى وفرة المال ولا شرف الأنساب، قال تعالى: "تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين".
قال الشاعر:
لم يجدك الحسب العالي بغير تقى ... مولاك شيئاً فحاذر واتق الله
وابغ الكرامة في نيل الفخار به ... فأكرم الناس عند الله أتقاها
واشدد يديك بحبل الله معتصما ... فإنه الركن إن خانتك أركان
من يتق الله يحمد في عواقبه ... ويكفه شر من عزوا ومن هانوا
من استعان بغير الله في طلب ... فإن ناصره عجز وخذلان
عليك بتقوى الله فالزمها تفز ... إن التقى هو البهي
واعمل بطاعته تنل منه الرضا ... إن المطيع لربه لمقرب
(٢) امتنعتم عن التفاخر بالأعمال الصالحة والتباهي بها والاستعداد لها وأطلقتم العنان للسان بالتفاخر بالأحساب والأنساب.
(٣) درجات الأعمال الطيبة الصالحة.
(٤) أضرب به عرض الحائط، وأذل من كان يشمخ بحسبه وجاهه في حياته وأعذبه لتقصيره في تشييد الصالحات.
(٥) في (ع): من أبطأ أي من أخره عمله السيء وتفريطه في العمل الصالح لم ينفعه في الآخرة شرف النسب يقال بطأ به وأبطأ به بمعنى أهـ نهاية. فالأعمال الصالحة مطية سابقة إلى درجات النعيم وسيارة أو طيارة يوم للقيامة توصل صاحبها إلى المنازل السامية في الجنة. أما الشريف المقصر عن الأعمال الطيبة الصالحة فمطيته عرجاء بطيئة في ميدان السباق إلى الفوز والتبرز ونيل المناصب الرفيعة في الآخرة كما قال تعالى: "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب" (١٩٧ من سورة البقرة). =

<<  <  ج: ص:  >  >>