للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦ - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "كانت شجرةٌ تُؤذي الناس، فأتاها رجلٌ فعزلها عن طريق الناس قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلقد رأيتهُ يتقلبُ في ظلها في الجنة" رواه أحمد وأبو يعلى، ولا بأس بإسناده في المتابعات.


= إذا كان رأس المال عمرك فاحترز ... عليه من الإنفاق في غير واجب
فبين اختلاف الليل والصبح معرك ... يكر علينا جيشه بالعجائب
وما راعني عذر الشباب لأنني ... أنست بهذا الخلق من كل صاحب
وغدر الفتى في عهده ووفائه ... وغدر المواضي في نبو المضارب
وقال أبو العتاهية:
خير أيام الفتى يوم نفع ... واصطناع الخير أبقى ما صنع
ما ينال الخير بالشر ولا ... يحصد الزارع إلا ما زرع
خذ من الدنيا الذي درت به ... واسل عما بان منها وانقطع
إنما الدنيا متاع زائل ... فاقتصد فيه وخذ منه ودع
وارض للناس بما ترضى به ... واتبع الحق فنعم المتبع
الآيات الدالة على احترام المسلم لأخيه وعدم السخرية من الخلق:
(أ) قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يب فأولئك هم الظالمون يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" (١٢ - ١٤ من سورة الحجرات).
قال الغزالي: معنى السخرية الاستهانة والتحقير والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يضحك منه: وقد يكون ذلك بالمحاكاة في الفعل والقول، وقد يكون بالإشارة والإيماء، وقال ابن عباس في قوله تعالى: "يا ويلتنا مال لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها" (من سورة الكهف).
إن الصغيرة التبسم بالاستهزاء بالمؤمن، والكبيرة القهقهة بذلك، وهذا إشارة إلى أن الضحك على الناس من جملة الذنوب والكبائر، وعن عبد الله بن زمعة أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يخطب فوعظهم في ضحكهم من الضرطة فقال علام يضحك أحدكم بما يفعل؟ متفق عليه.
وكل هذا يرجع إلى استحقار الغير والضحك عليه استهانة به واستصغاراً له، وعليه نبه قوله تعالى: "عسى أن يكونوا خيراً منهم" من سورة الحجرات. أي لا تستحقره استصغاراً فلعله خير منك، وهذا إنما يحرم في حق من يتأذى به فأما من جعل نفسه مسخرة، وربما فرح من أن يسخر به كانت السخرية في حقه من جملة المزاح؛ وأصله مذموم ومنهي عنه إلا ما فيه انبساط وطيب قلب، والمنهي عنه الإفراط فيه أو المداومة عليه. أما المداومة فلأنه اشتغال باللعب، والهزل فيه واللعب مباح، ولكن المواظبة عليه مذمومة، والإفراط فيه يورث كثرة الضحك وكثرة الضحك تميت القلب، وتورث الضغينة في بعض الأحوال وتسقط المهابة والوقار قال صلى الله عليه وسلم: "إني لأمزح ولا أقول إلا حقاً" أهـ ص ١١٤ جـ ٣. =

<<  <  ج: ص:  >  >>