للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجْرِهِ. رواه الطبراني في الكبير من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، لكن متنُه حسن، وشواهده كثيرة.

٧ - وروى عن ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بين صف الرجال والنساء فقال: يا معشر النساء إذا سمعتم أذان هذا الحبشي وإقامته، فقلن كما يقول، فإن لَكُنَّ بكل حرفٍ ألف ألف درجةٍ. قال عمر رضي الله عنه: هذا للنساء (١)، فما للرجال؟ قال: ضعفان يا عمر. رواه الطبراني في الكبير، وفيه نكارة.

٨ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام بلال ينادى، فلما سكت قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال مثل ما قال هذا يقيناً (٢)

دخل الجنة. رواه النسائي وابن ماجه في صحيحه والحاكم وقال: صحيح الإسناد


(١) الآن وجب على النساء ملازمة بيوتهن، ولا يصلح ذهابهن إلى المسجد لخوف الفتنة، فكن يذهبن فى مدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعند أمن الفتنة، بل في غلس الليل وشدة ظلامه حتى لا يراهن أحد، فما بالك الآن، وقد بلغ السيل الزبى، واختلط الحابل بالنابل، وأصبحت الفتيات تزاحمن الشبان في مواطن الفسوق، فلا حول ولا قوة إلا بالله، على أن النساء يقلن في بيوتهن وخدرهن لينلن ألف ألف درجة، كما قال صلى الله عليه وسلم: ويصلين في بيوتهن والله عنهن راض.
(٢) بنية صادقة وإخلاص، وترى يا أخى هذا يسبق القول والفعل، فيحافظن على أوامر الله، ويجتنبن نواهيه. أما قول اللسان بلا عمل فباطل ويكون حجة على صاحبه يشهد أنه سمع الأذان، ولها ولعب، وغفل عن الله، وقصر في حق الله.
إن الله أرشدنا في كتابه أن مهر الجنة العمل لها، قال تعالى: (وتلك الجنة التى أورثتموها بما كنتم تعملون). ملك الملوك يقص علينا ثمن هذا النعيم، ويقول علماء النحو في طرق الإعراف: وتلك مبتدأ، والجنة بدل مطابق والتى صفة، والخبر بما كنتم تعملون، وعليه يتعلق الباء بمحذوف، لا بأورثتموها أهـ بيضاوى ص ٦٨٣.
يا أخى: فكر في (يقيناً). واعلم أن اليقين الثابت يتدفق منه معين العمل الصالح، ويشرق منه نور الحكمة، وتطلع في سماء العاملين شموس السعادة، وهناك التوفيق والهداية، وجنة الله للمحسنين.
وذلك ما قصه الله علينا قبل هذه الآية لتقرن عملك بقولك دائماً: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون، يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون، وتلك الجنة التى أورثتموها بما كنتم تعملون. لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون) ٦٨ - ٧٤ من سورة الزخرف.
ما مناسبة هذه الآيات؟ أريد أن أبين للمسلمين أن يقولوا فيفعلوا، وبذا (وجبت لهم الجنة) كما في الحديث فنجد مودة المتقين باقية ونافعة أبدا الآباد، ووصف الله المنادى (ياعباد) بصفتين المؤمنين المسلمين ليحسن الاعتقاد في الله، وتوجد الأعمال، وقال تعالى: (تلك الجنة التى نُورِثُ من عبادنا من كان تقيا) ٦٣ من سورة مريم. أي نبقيها عليهم من ثمرة تقواهم كما يبقى على الوارث مال مورثه، وقيل: يورث المتقون من الجنة المساكن التى كانت لأهل النار لو أطاعوا زيادة في كرامتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>