للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَجُلاَنِ تَحَابَّا في اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ (١)، وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ (٢)، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ (٣) وَجَمَالٍ (٤)، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا (٥)

حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِياً (٦) فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

فضل الحب في الله

٦ - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ يعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَليه وسلم: إِنَّ مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ رَجُلاً لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ للهِ مِنْ غَيْرِ مَالٍ أَعْطَاهُ فَذلِكَ الإِيْمَانُ. رواه الطبراني في الأوسط.

٧ - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا تَحَابَّ رَجُلاَنِ في اللهِ إِلاَّ كانَ أَحَبُّهُمَا إِلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ أَشَدَّهُمَا حُبّاً لِصَاحِبِهِ. رواه الطبراني وأبو يعلى، ورواته رواة الصحيح إلا مبارك بن فضالة، ورواه ابن حبان في صحيحه


= فيها مع الإمام الراتب: أي في أول وقتها، وليس معناه دوام القعود في المسجد قاله النووي.
(١) تقابلا على العمل على ذكر الله وحده وجلب رضاه وتعاونا في الخير وأحب كل منهما صحابه في طلب رضاه والعمل الصالح ابتغاء أجره ولم يجتمعا لجني فائدة دنيوية أو ثمرة شهية تلهيهم عن حقوق الله تعالى.
(٢) ذهب كل واحد لمصالحه وحده فهما دامت محبتهما مجتمعين حتى ماتا أو تفرقا من مجلسهما، والمعنى في الغياب والحضور أحباب أعوان أبرار أخيار.
(٣) حسب ونسب شريف وعز وجاه قوي، ومن أسرة عريقة في المجد.
(٤) حائزة كل كمال ونضارة وصحة وجسم قوي ذات شبق واشتياق إلى النكاح، فامتنع خوفاً من ربه جل وعلا وطلق مالها وترك جمالها وغض عن محاسنها ابتغاء خشية الله تعالى، وطلب ثوابه، فهو ممن قال فيهم الحق عز شأنه:
أـ[إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون] ٥٧ من سورة المؤمنون. أي خائفون.
ب ـ[إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم] ١٥ من سورة يونس.
(٥) بالغ في إخفائها ليبعد من الرياء وليتجنب مدح الناس، وليخلص لله في إنفاقه فهذا مبالغة في الإخفاء، وقيل أن يتصدق على الضعيف في صورة المشتري منه فيدفع له درهماً مثلاً في شيء يساوي نصف درهم، فالصورة مبايعة، والحقيقة صدقة بينه وبين ربه معاملة، وقد نظم السبعة المذكورة أبو شامة بقوله:
وقال النبي المصطفى إن سبعة ... يظلهم الله العظيم بظله
محب عفيف ناشئ متصدق ... وباك مصل والإمام بعمله
أسأل الله جلّ جلاله أن يغمرنا بإحسانه ويوفقنا للهدى بأنواره ويجعلنا ممن جمع هذه الخصال فنال هذه الكرامة، فعليك أخي بمحبة أخيك المسلم تساعده وتنصره وتنصحه، وتحب له الخير ما استطعت.
(٦) مر على خاطره خشية الله وجلاله وعظمته وكثرة نعمه وتعداد إحسانه فبكى من تقصيره وقلة أعماله، فالسفر بعيد، والسؤال شديد، والحساب عسير، والزاد يسير، قال تعالى: [وبشر المخبتين (٣٤) الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم] وجلت: أي خافت، من سورة الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>