للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤١ - وروى أحمد بإسناد جيد عن أبي ذرّ ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما: أَنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: سِتَّةُ أَيَّامٍ (١)، ثُمَّ اعْقِلْ يَا أَبَا ذَرٍّ مَا يُقَالَ لَكَ بَعْدُ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ السَّابِعُ قالَ: أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ في سِرِّ أَمْرِكَ وَعَلانِيَتِه (٢)، وَإِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ (٣)، وَلاَ تَسْأَلَنَّ أَحَداً شَيْئاً، وَإِنْ سَقَطَ سَوْطُكَ (٤)، وَلاَ تَقْبِضْ أَمَانَةً (٥).


= وتوخ فعل المكرمات تبرعا ... فالمكرمات حميدة الآثار
كن عالماً في الناس أو متعلما ... أو سامعا فالعلم ثوب فخار
من كل فن خذ ولا تجهل به ... فالحر مطلع على الأسرار
والعلم مهما صادف التقوى يكن ... كالريح إذا مرت على الأزهار
هل يستوي العلماء والجهال في ... فضل أم الظلماء كالأنوار
لا ظل للمرء يغني عن تقى ورضا ... وإن أظللته أوراق وأفنان
لا تغترر بشباب ناعم خضل ... فكم تقدم قبل الشيب شبان
فالروض يزدان بالأنوار ناعمه ... والحر بالعدل والإحسان يزدان
(١) أي انتظر ستة أيام وتمثل ثم افهم الذي أقوله لك من حسن المواعظ ولباب الإرشاد.
(٢) الزم خوف الله في كل أمورك خفيها وظاهرها.
(٣) إذا أذنبت فتب واعمل صالحاً وأحسن نيتك وافعل الخير.
(٤) اعتمد على الله وعلى نفسك في قضاء مصالحك واترك التواكل والتباطؤ وتعهد شؤونك بنفسك، وصغير الأمور ككبيرها، وإن ركبت وسقطت عصاك فانزل وخذها وقوي في نفسك العزيمة والاعتماد على النفس وقوة الإرادة. والسوط معروف وجمعه أسواط وسياط قال تعالى: [سوط عذاب] أي ألم سوط عذاب، والمراد الشدة والمراد في الحديث لا تتهاون ولا تطلب شيئاً من أحد، ولو سقط ما في يدك فعل حقارته هاته.
(٥) لا تودع عندك أمانة خشية أن لا تقوم بحفظها، وتؤديها كاملة تامة، ينصح صلى الله عليه وسلم بأربعة:
أ - التقوى.
ب - إتقان العمل والتوبة عن الإساءة ثم الإحسان.
جـ - الاعتماد على النفس.
د - عدم قبول الودائع إذا آنس الإنسان عدم حفظها. وقد بين الله تعالى فوائد التقوى في قوله عز شأنه:

١ - [ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار (١١)] من سورة الطلاق.

٢ - [ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم (١١)] من سورة التغابن.

٣ - [ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب] من سورة الطلاق.

٤ - [ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا (٤)] من سورة الطلاق.

٥ - [ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا (٥)] من سورة الطلاق.
فأنت ترى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يشوق أبا ذر للدرس الجديد ويسوق المرغبات المحسنات، ويدعوه إلى العمل بما يقوله صلى الله عليه وسلم وتفهمه وعض النواجذ على إدراكه وفهمه رجاء أن يثمر أدب الشرع:
وإنما المرء حديث بعده ... فكن حديثاً حسناً لمن وعى
ما اعتن لي يأس يناجي همتي ... إلا تحداه رجاء فاكتمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>