للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فعل ذنوباً كثيرة فهل له من توبة؟

٤٤ - وَعَنْ أَبِي طَوِيلٍ شَطْبٍ الْمَمْدُودِ أَنَّهُ أَتَّى النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: أَرَأَيْتَ مَنْ عَمِلَ الذُّنُوبَ (١) كُلَّهَا، وَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهَا شَيْئَاً، وَهُوَ في ذَلِكَ لَمْ يَتْرُكْ حَاجَةً وَلا دَاجَةً (٢) إِلاَّ أَتَاهَا، فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قالَ: فَهَلْ أَسْلَمْتَ (٣)؟ قالَ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنْ لا إِله إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ. قالَ: تَفْعَلُ الْخَيْرَاتِ (٤)،

وَتَتْرُكُ السَّيِّئَاتِ، فَيَجْعَلُهُنَّ اللهُ لَكَ خَيْرَاتٍ كُلَّهُنَّ. قالَ: وَغَدَرَاتِي (٥) وَفَجَرَاتِي (٦)؟ قالَ: نَعَمْ (٧) قالَ: اللهُ أَكْبَرُ، فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ حَتَّى تَوَارَى (٨).

رواه البزار والطبراني


= أي تصبر على فعل الطاعات واحبس نفسك عن اتباع المعاصي. قال البيضاوي: عدول عن الضمير ليكون كالبرهان على المقصود ودليلاً على أن الصلاة والصبر إحسان وإيماء بأنه لا يعتد بهما دون الإخلاص.
(١) أي كان شديد الفجور والفسوق وارتكب كل ذنب.
(٢) الحاجة الصغيرة، والداجة الحاجة الكبيرة أهـ نهاية.
(٣) دخلت في الإسلام بالنطق بالشهادتين وثبت على توحيد الله جل وعلا وعزمت على طاعة الله سبحانه.
(٤) تعمل صالحاً وتجعل لك في الطيبات ذكراً حسناً وتتقي الله وتجتنب المعاصي ليبدل الله ذنوبك حسنات كما قال الله تعالى: [إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً (٧٠) ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متابا (٧١)] من سورة الفرقان.
أو قد عزم الرجل على فعل الخير. ومنها المحافظة على الصلاة، وقد رأيت قول من أصاب قبلة هذه الآية لي أي صلاتي مذهبة لمعصيتي مختصة بي أو عامة للناس كلهم. وقال القسطلاني: فيه عدم الحد في القبلة، ونحوه، وسقوط التعزير عمن أتى شيئاً منها وجاء تائباً نادماً، وقال ابن المنذر: فيه أنه لا حد على من وجد مع أجنبية في لحاف واحد، والله أعلم ص ١٩٦ جواهر البخاري.
(٥) أفعالي الذميمة التي نقضت فيها العهد ونكثت وخنت، يقال: غدر به: نقض عهده.
(٦) ارتكابي المعاصي وفعل الموبقات، من فجر العبد فجوراً: فسق وزنى، وفجر الحالف فجوراً وكذب، وفي النهاية: التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من اتقى الله. الفجار جمع فاجر وهو المنبعث في المحارم والمعاصي أهـ.
(٧) أجاب صلى الله عليه وسلم بغفران ذنوبه إذا تاب وأناب.
(٨) اختفى عن أعين الناظرين إليه، ففيه الترغيب بالسرعة في الرجوع إلى من فتح أبواب التوبة لعباده رجاء إدراك رحمته إنه غفور رحيم شكور [ومن يغفر الذنوب إلا الله؟].
آيات الترغيب في التوبة من الذنوب
أ - قال الله تعالى: [يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه] من سورة التحريم.
ب - وقال تعالى: [وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون (٣١)] من سورة النور.
جـ - وقال [والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون (١٣٥) أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين (١٣٦)] من سورة آل عمران. =

<<  <  ج: ص:  >  >>