للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي عَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ يَا عُثْمَانُ إِنَّ لِكُلِّ نَبيٍّ رَفِيقاً فِي الْجَنَّةِ، وَأَنْتَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ يَا عَليُّ: أَوَمَا تَرْضَى أَنْ يَكُونَ مَنْزِلُكَ فِي الْجَنَّةِ مُقَابِلَ مَنْزِلِي (١)، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: يَا طَلْحَةُ وَيَا زُبَيْرُ: إِنَّ لِكُلِّ نَبيٍّ حَوَارِيَّ (٢)، وَأَنْتُمَا حَوَارِييِّ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ: لَقَدْ بَطَّأَ (٣)

بِكَ عَنَّا مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِي حَتَّى خَشِيتُ أَنْ تَكُونَ هَلَكْتَ، وَعَرِقْتُ عَرَقاً شَدِيداً، فَقُلْتُ: مَا بَطَّأَ بِكَ؟ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ مِنْ كَثْرَةِ مَالِي مَا زِلْتُ مَوْقُوفاً مُحَاسَباً أَسْأَلُ عَنْ مَالِي مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتُهُ، وَفِيما أَنْفَقْتُهُ، فَبَكَى عَبْدُ الرَّحْمنِ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذِهِ مَائَةُ رَاحِلَةٍ جَاءَتْنِي اللَّيْلَةَ مِنْ تِجَارَةِ مِصْرَ، فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهَا عَلَى فُقَراءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَيْتَامِهِمْ لَعَلَّ اللهَ يُخَفِّفُ عَنِّي ذَلِكَ الْيَومَ. رواه البزار، واللفظ له والطبراني ورواته ثقات إلا عمار بن سيف، وقد وُثق.

[قال الحافظ]: وقد ورد من غير وجه، ومن حديث جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمنِ بْنَ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ حَبْواً لِكَثْرَةِ مَالِهِ، ولا يسلم أجودُها من مقال، ولا يبلغ منها شيء بانفراده درجة الحسن، ولقد كان ماله بالصفة


(١) أن يكون منزلك في الجنة مقابل منزلي كذا ط وع ص ٣٢٢ - ٢، وفي ن د: أن تكون منزلتك مقابل منزلتي.
(٢) أنصاراً مخلصين وأتباعاً صالحين.
(٣) بطأ: أي أخرك. استفهم صلى الله عليه وسلم عن سبب تأخيره، ولم يلحق درجات الصالحين الأوائل حتى خاف صلى الله عليه وسلم أن يهلك عبد الرحمن، فأجاب رضي الله عنه بوفرة أمواله، ودقة الحساب: من أي مكان أوجده؟ وعلى من أنفقه؟ وفي أي الوجوه صرفه؟ ثم أثمر درسه صلى الله عليه وسلم فأكثر سيدنا عبد الرحمن من أفعال البر ووجه خيرات مائة راحلة إلى الفقراء والأيتام ذخيرة عند ربه جل وعلا ورجا أن ينجيه من أهوال القيامة. انتبهوا يا أصحاب الأموال والضيعات فالله تعالى سيحاسبكم عليها. أنفقوا في حياتكم وشيدوا أعمال البر وساعدوا على إنشاء المشروعات المفيدة، إن الوطن يناديكم أن توجدوا أعمالاً حرة لأبنائه .. شيدوا مصنوعات وأنشئوا الشركات الوطنية، وحرام عليكم أن تودعوا الأموال في المصارف مكدسة مخزونة بلا استثمار طيب وحلال، وقد رأيتم سيدنا عبد الرحمن، وهو صاحب المنزلة الرفيعة في الدين، ومع ذلك وقف ليسأل، وتأخر عن زملائه، وبعبارة أخرى "يدخل الجنة حبواً": أي يدرج على بطنه ويزحف على الأرض. لماذا؟ لأنه كثير الغلات وافر الخيرات مع شهادة عدول له أنه رضي الله عنه سباق =

<<  <  ج: ص:  >  >>