للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاح هذه الدنيا بالزهادة واليقين

٨ - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ رَفَعَهُ قالَ: صَلاَحُ أَوِّلِ (١) هذِهِ الأُمَّةِ بِالزَّهَادَةِ وَالْيَقِينِ (٢)، وَهَلاَكُ آخِرِهَا بِالْبُخْلِ (٣) وَالأَمَلِ (٤). رواه الطبراني، وإسناده محتمل للتحسين، ومتنه غريب.

٩ - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَرْفَعُهُ قالَ: يُنَادِي مُنَادٍ: دَعُوا الدُّنْيَا لأَهْلِهَا، دَعُوا الدُّنْيَا لأَهْلِهَا، دَعُوا الدُّنْيَا لأَهْلِهَا. مَنْ أَخَذَ مِنَ الدُّنْيَا أَكْثَرَ مِمَّا يَكْفِيهِ أَخَذَ حَتْفَهُ (٥)، وَهُوَ لا يَشْعُرُ. رواه البزار، وقال: لا يروى عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم إلا من هذا الوجه.

١٠ - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ (٦).


= الإشارات الشافية لأمراض القلوب المانعة من اتباع الهوى أهـ. وفي الجامع الصغير في تفسير قوله تعالى: [يؤتي الحكمة من يشاء] أي العلم النافع المؤدي إلى العمل. قال العلقمي قال سفيان بن عيينة: الزهد ثلاثة أحرف: زاي وهاء ودال، فالزاي ترك الزينة، والهاء ترك الهوى والدال ترك الدنيا بجملتها، وحقيقة الزهد الشرعية استصغار الدنيا بجملتها واحتقار جميع شأنها، فمن كانت الدنيا عنده صغيرة حقيرة هانت عليه فالزاهد هو المستصغر للدنيا المحتقر بها الذي انصرف قلبه عنها لصغر قدرها عنه، ولا يفرح لشيء منها ولا يحزن على فقده، ولا يأخذ منها إلا ما أمر بأخذه مما يعينه على طاعة ربه، ويكون مع ذلك دائم الشغل بذكر الله تعالى، وذكر الآخرة. قال الفضيل بن عياض: جعل الله الشر كله في بيت وجعل مفتاحه حب الدنيا وجعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد فيها، وقال أحمد وسفيان الثوري وغيرهما: الزهد قصر الأمل، وقال ابن المبارك: الزهد الثقة بالله، وقال أبو سليمان الداراني: الزهد ترك ما يشغل عن الله أهـ ص ١٢٣ جـ ١.
(١) أول وجود الإسلام، وفي زهرته وفتوته.
(٢) سكون الفهم مع ثبات الحكم مع الثقة بوجود الله والتوكل عليه جل وعلا وعقد العزيمة على طاعته والتفاني في الإخلاص له عز شأنه.
(٣) التقصير في أداء الحقوق وعدم الإنفاق في وجوه البر.
(٤) التسويف في الأعمال الصالحة وحب المال إلى درجة الميل إلى تشييد القصور ووفرة الخيرات مع الترف والبذخ.
(٥) هلاكه، معناه الذي يسلم نفسه لمطامع الحياة والاسترسال في آمال جبي الأموال وقع في الهاوية ولا يدري لماذا؟ لأن أعمال الدنيا خالية من الثواب المدخر له بعد مماته فمهما جمع من زخارف الدنيا ومات لا ينفعه شيء إلا إذا يد بماله قصور الصالحات التي أعد الله أجرها للمحسنين:
هي الدنيا تقول بملء فيها ... حذار حذار من بطشي وفتكي
شباب بلا تقوى كغصن بلا جنى ... يرى غير مأسوف عليه فيحطب
حتفه كذا ط وع ص ٣٣١ - ٢، وفي ن د جيفه: أي إن حطام الدنيا مهما زاد قذر نتن لا يفيده في الآخرة بشيء ولا ينتفع به.
(٦) أي أفضل العبادة التي تصدر من مطيع بعيد من الرياء وحب الظهور والشهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>