للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّوفُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ قالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: فُلانَةُ الأَنْصَارِيَّةُ دَخَلَتْ فَرَأَتْ فِرَاشَكَ فَذَهَبَتْ فَبَعَثَتْ إِليَّ بِهذَا، فَقَالَ: رُدِّيهِ يَا عَائِشَةُ. فَوَاللهِ لَوْ شِئْتُ (١) لأَجْرَى اللهُ مَعِي جِبَالَ الذَّهَبِ والْفِضَّةِ. رواه البيهقي من رواية عباد بن عباد المهلبي عن مجالد بن سعيد.

١٢٥ - ورواه أبو الشيخ في الثواب عن ابن فضيل عن مجالد عن يحيى بن عباد عن امرأة من قومهم لم يسمّها قالت: دَخَلْتُ علَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَمَسَسْتُ فِرَاشَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ خَشِنٌ، وَإِذَا دَاخِلُهُ بُرْدِيٌّ (٢) أَوْ لِيفٌ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمؤْمِنِينَ إِنَّ عِنْدِي فِرَاشاً أَحْسَنَ مِنْ هذَا وأَلْيَنَ. فذكره أطول منه.

١٢٦ - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لَبِسَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الصُّوفَ واحْتَذَى (٣) المخصُوفَ، وَقالَ: أَكَلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بَشِعاً وَلَبِسَ حِلْساً خَشِناً (٤). قِيل لِلْحَسَنِ: مَا الْبَشِعُ؟ قالَ: غَلِيظُ الشَّعِيرِ، مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم يُسِيغُهُ (٥) إِلاَّ بِجُرْعَةٍ مِنْ مَاءٍ. رواه ابن ماجة والحاكم كلاهما من رواية يوسف بن أبي كثير وهو مجهول، عن نوح بن ذكوان، وهو واهٍ، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وعنده خشناً موضعُ بَشِعاً.


(١) لو أردت لحول الله الجبال لي ذهباً، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يرض متاع الدنيا، ويعطي درساً عملياً في الزهد والإقبال على الله بطاعته فقط كما حكى الله تعالى عن أهل العلم [فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم (٧٩) وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون (٨٠)] من سورة القصص.
أصحاب الدنيا الغافلون عن الله يتمنون نعيم الدنيا، ولكن العلماء يرفضون متاعها. وهل رأيت أصبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم على حالته هو وأهله، تأتي جارة صالحة مؤمنة وتقدم فراشاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيرفضه ويطمئنها أن الجبال تراوده أن تصير ذهباً وفضة فيرغب عنها زهداً فيها، هكذا يكون الناصح الواعظ المرشد يعمل بعلمه قبل قوله.
(٢) نبات يعمل منه الحصر على لفظ المنسوب إلى البرد.
(٣) يلبس الحذاء المرقع، وفيه هو قاعد يخصف نعله، أي كان يخرزها، ومنه شعر العباس يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
من قبلها طبت في الظلال وفي ... مستودع حيث يخصف الورق
أي في الجنة حيث خصف آدم وحواء عليهما من ورق الجنة أهـ نهاية.
(٤) أي كساء ممتهناً، وفي المصباح: كساء يجعل على ظهر البعير تحت رحله. والحلس: بساط يبسط في البيت، وفي النهاية حديث أبي بكر رضي الله عنه "كن حلس بيتك حتى تأتيك يد خاطية وميتة قاضية".
(٥) يسهل انزلاقه من الحلق، من ساغ الشراب: سهل انحداره وأساغه وجرعة: حسوة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>