(٢) أي بقليل من حطامها، والعرض ما عرض لك من منافع الدنيا. وقال الحفني: فتناً جمع فتنة: الداهية العظيمة أي بادروا قبل وقوع الفتن كقطع الليل بجامع عدم الاهتداء إلى مقصوده عند وجود كل بعرض: أي ما يعرض، ويحدث من متاع الدنيا مما يرغب فيه. يخبر صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يحثوا على السير على منهج حبيبه والاستضاء بكتابه، والعمل بشريعته فالبدار البدار خشية أن يفشو الجهل ويزداد الظلم وتكثر الطغاة وتسود العصاة ويقل الصالحون، وحينئذ يعم الفساد والضلال وتشغل الدنيا أهلها بزخارفها فيطبع الران على قلوبهم وتظلم القلوب من الإيمان بالله وتقفر من صالحات الأعمال فتنقلب آونة مؤمنة، وأخرى كافرة منحرفة عن جادة الصواب، فلا تجد رادعاً يزجرها ونفساً مطمئنة تقتدي بها، قال تعالى: [من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعاً بصيراً (١٣٤)] من سورة النساء. ثواب الدنيا كالمجاهد الذي يحارب لأخذ الغنيمة، إنه يطلب طلباً خسيساً، ولكن الذي يقبل على الله ويعمل لله حاز الفلاح في دنياه وآخرته كما قال تعالى [ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة] من سورة آل عمران [من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه، ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب (٢٠)] من سورة الشورى. وقد علم الله تعالى أصحاب رسول الله إذا جاهدوا يجاهدون لوجه الله. روي أن سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم غزت أهل فدك فهربوا وبقي مرداس ثقة بإسلامه فلما رأى الخيل ألجأ غنمه إلى منعرج من الجبل وصعد فلما تلاحقوا وكبروا كبر ونزل وقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، السلام عليكم فقتله أسامة بن زيد واستاق غنمه فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد وجداً شديداً وقال قتلتموه إرادة ما معه ثم قرأ قوله تعالى [يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا (٩٤)] من سورة النساء. أي تطلبون الغنيمة التي هي حطام سريع النفاد، فهو الذين يدعوكم إلى ترك التثبت وقلة البحث عن حال من =