للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَدْهَى وَأَمَرُّ. رواه الترمذي من رواية محرر، ويقال: محرز بالزاي، وهو واهٍ عن الأعرج عنه وقال: حديث حسن.

٣٤ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: اغْتَنِمْ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ (١):

شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ (٢)، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ (٣)، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ (٤)، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شغْلِكَ (٥)، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ (٦).

رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما.


(١) خمسة سوق نافقة ينتهز فرصة وجودها العاقل، ويعمل صالحاً فيها ويكد ويجد: الشباب والصحة والغنى والفراغ والحياة:
أ - القوة والفتوة: نضارة الجسم
ب - جودة الصحة.
جـ - وفرة المال كثرة النعم.
د - الخلو من العمل راحة الضمير.
هـ - وجوده في الدنيا.
ولها أضداد لا بد أن تمر أدوارها على كل إنسان، وفي الجامع الصغير: أي افعل خمسة أشياء قبل حصول خمسة.
(٢) أي افعل الطاعة حال قدرتك قبل هجوم الكبر عليك.
(٣) أي العمل الصالح حال صحتك قبل حصول مانع كمرض.
(٤) أي التصدق بما فضل عن حاجة من تلزمك نفقته قبل عروض جائحة تتلف مالك فتصير فقيراً في الدارين.
(٥) قال المناوي: أي فراغك في هذه الدار قبل شغلك بأهوال القيامة التي أول منازلها القبر. وهو بضم الشين وفتحها.
(٦) أي اغتنم ما تلقى نفعه بعد موتك، فإن من مات انقطع عمله أهـ ص ٢٣٣.
وقد ساق الله لنا حكاية اثنين [جعلنا لأحدهما جنتنين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعاً (٣٢)] من سورة الكهف.
أي بساتين من كروم وفواكه وأقوات، ولكن صاحبها كافر بربه غير محسن طويل الأمل. قال النسفي [ما أظن أن تبيد هذه أبداً] أي أن تهلك هذه الجنة. شك في بيدودة جنته لطول أمله وتمادي غفلته واغتراره بالمهلة، وترى أكثر الأغنياء من المسلمين تنطق ألسنة أحوالهم بذلك أهـ نعمة لم تدم كما قال تعالى: [وأحيط بثمره] هو عبارة عن إهلاكه فندم على إشراكه، والنصرة لله وحده [هنالك الولاية لله الحق هو خير ثواباً وخير عقبا (٤٤) واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا (٤٥) المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً (٤٦)] من سورة الكهف.
ولعلك فهمت حكمة قصر الأمل والإسراع إلى تشييد الأعمال الصالحة بانتهاز فرصة وجود الصحة، والمال خشية أن تزول هذه النعمة فلا يمكن للإنسان أن يعمل عملاً كما حكى الله عن الكافر أو الغني المقصر [فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحداً (٤٢)] من سورة الكهف. قال النسفي يضرب إحداهما على الأخرى ندماً وتحسراً، وكرومها المعروشة سقطت، وقد تذكر موعظة أخيه فعلم أنه من جهة كفره وطغيانه فتمنى لو لم يكن مشركاً حتى لا يهلك الله بستانه حين لم ينفعه التمني أهـ.
وشاهدنا الآن يقظة الأغنياء، ولا بد من أن يشاركوا بأموالهم في مشروعات الخير. ولا بد من الانتباه =

<<  <  ج: ص:  >  >>