للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ بَعَثَ بَعْثاً فَخَرَجَ فِيهِ آخَرُ فاسْتَشْهَدَ، ثُمَّ مَاتَ الثَّالِثُ عَلَى فِرَاشِهِ. قالَ طَلْحَةُ فرأيْتُ هؤُلاءِ الثَّلاثَةَ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدِي في الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ المَيِّتَ عَلَى فِرَاشِهِ أَمَامَهُمْ، وَرَأَيْتُ الذِي اسْتَشْهَدَ أَخِيراً يَلِيهِ، وَرَأَيْتُ أَوَّلَهُمْ آخِرَهُمْ. قالَ: فَدَاخَلَنِي مِنْ ذلِكَ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذلِكَ لَهُ فَقَالَ: وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَمَّرُ في الإِسْلامِ (١)

لِتَسْبيحِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَهْلِيلِهِ.

رواه أحمد وأبو يعلى، ورواتُهما رواة الصحيح، وفي أوله عند أحمد إرسال كما مرّ، ووصَلَه أبو يعلى بذكر طلحة فيه.

لا تتمن الموت، إن كنت محسناً تزداد إحساناً إلى إحسانك الخ

٥٠ - وَعَنْ أُمِّ الْفَضْلِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم دَخَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ وَهُوَ يَشْتَكِي (٢) فَتَمَنَّى الموْتَ فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ عَمَّ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لاَ تَتَمَنَّ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتَ مُحْسِناً تَزْدَادُ إِحْسَاناً إِلى إِحْسَانِكَ خَيْرٌ لَكَ (٣)، وَإِنْ كُنْتَ مُسِيئاً، فَإِنْ تُؤَخَّرْ (٤) تَسْتَعْتِبْ (٥) مِنْ إِسَاءَتِكَ خَيْرٌ لَكَ، لاَ تَتَمَنَّ الْمَوْتَ. رواه أحمد والحاكم واللفظ له، وهو أتمّ وقال: صحيح على شرطهما.


(١) يعطى مدة طويلة، وفي الغريب العمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة فهو دون البقاء فإذا قيل طال عمره فمعناه عمارة بدنه بروحه [وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير (١١)] من سورة فاطر.
فتجد هذا أفضل عند الله تعالى، لأنه شغل أوقاته الواسعة في تمجيده سبحانه، وفي طاعته، وفي أنواع أفعال الخير فليس بدعاً أن يسبق من استشهد، لأن الله تعالى عادل ولا يضيع أجر المحسنين كما قال تعالى: [وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد (٣١) هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ (٣٢) من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب (٣٣) ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود (٣٤) لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد (٣٥)] من سورة ق.
أي قربت لكل رجاع إلى الله تواب أواب، وحفيظ أي حافظ لحدوده، بسلام: أي سالمين من العذاب وزوال النعم أو مسلماً عليكم من الله وملائكته، وعندنا مزيد: أي زيادة مما لا يخطر ببالهم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وأورد النسفي قوله صلى الله عليه وسلم "من حافظ على أربع ركعات في أول النهار كان أواباً حفيظاً" أهـ وهذا شاهدنا، كثرة العبادة وخشيته سبحانه سعادة، والخشية انزعاج القلب عند ذكر الخطيئة، والخاشي ينال رحمة منه سبحانه وتعالى. لماذا؟ لأن قلبه منيب: أي راجع إلى ربه بخشوع وتذلل بسريرة مرضية وعقيدة صحيحه، فاللهم ارزقنا عمراً وتوفيقاً لنعمل.
(٢) يتألم من المرض.
(٣) طول العمر خير لك حينئذ.
(٤) يمتد أجلك.
(٥) ترجع عن الإساءة وتطلب الرضى، وقال القسطلاني في باب تمني المريض الموت ودعائه، وإما أن يكون مسيئاً فلعله أن يستعتب يطلب العتبى: أي يطلب رضا الله بالتوبة ورد المظالم، وتدارك الفائت، وفي الحديث: =

<<  <  ج: ص:  >  >>