للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَلَذَّذْتُمْ (١)

بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَيَّ الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلى اللهِ، وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي شَجَرَةٌ تُعْضَد (٢). رواه البخاري باختصار والترمذي إلا أنه قال: مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ، والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد.

[أطت] بفتح الهمزة وتشديد الطاء المهملة من الأطيط: وهو صوت القتب والرحل ونحوهما إذا كان فوقه ما يثقله، ومعناه أن السماء من كثرة ما فيها من الملائكة العابدين أثقلها حتى أطت.

[والصعدات] بضم الصاد والعين المهملتين: هي الطرقات.

١٧ - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ فَقَالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً، فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وُجُوهَهُمْ لَهْم خَنِينٌ (٣). رواه البخاري ومسلم.

١٨ - وفي رواية: بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ فَخَطَبَ


(١) من شدة هول ما ترون لم تحصل لكم لذة النساء، والتمتع بجمالهن كما قال تعالى: [وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا] من سورة النور.
قال النسفي وكونوا حذرين خاشعين، لأنهم إذا حذروا دعاهم الحذر إلى اتقاء كل سيئة وعمل كل حسنة أهـ وقال أهل المعرفة المطلوب ثلاثة أشياء: البكاء على الجفاء، والدعاء على العطاء، والرضا بالقضاء؛ فمن ادعى المعرفة ولم يكن فيه هذه الثلاثة فليس بصادق في دعواه.
(٢) تقطع، يقال عضدت الشجرة أعضدها عضداً. سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يميزه الله بميزات ويعطيه كرامات ويؤيده بمعجزات ووعده سبحانه بزيادة الدرجات، ومع شدة الرهبة يود "أني شجرة تقطع" لماذا؟ نهاية المعرفة بقدر ربه وكثرة خشيته، ولقد صدق "إني لأخشاكم لله" وسورة الدهر التي قرأها، أولها [هل أتى على الناس حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا (١) إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيرا (٢) إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا (٣) إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالاً وسعيرا (٤) إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا (٥)] من سورة الدهر.
(حين) طائفة من الزمن الممتد كان الإنسان منسياً غير مذكور. (أمشاج) أخلاط من مني الرجل والمرأة: أي من نطفة قد امتزج فيها الماءان: مشجه مزجه: أي خلقناه مبتلين أي مريدين ابتلاءه بالأمر والنهي له (سميعاً) ذا سمع وبصر. ثم بينا له طريق الهدى بأدلة العقل والسمع (شاكراً) مؤمناً. (كفوراً) كافراً (كافورا) أي ماء كافور، وهو اسم عين في الجنة ماؤها في بياض الكافور ورائحته ويرده، وللكافرين سلاسل بها يقادون وأغلال بها يقيدون وناراً بها يحرقون.
(٣) ضرب من الكباء دون الانتحاب. وأصل الخنين: خروج الصوت من الأنف: كالخنين من الفم، وفيه أنه كان يسمع خنينه في الصلاة أهـ نهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>