للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ والنَّارُ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ في الْخَيْرِ والشَّرِّ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً، فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْهُ غَطَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَلَهُمْ خَنِينٌ.

[الخنين] بفتح الخاء المعجمة بعدها نون: هو البكاء مع غنة بانتشار الصوت من الأنف.

إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه ذنوبه

١٩ - وَرُوِيَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا اقْشَعَرَّ (١) جِلْدُ الْعَبْدِ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ تَحَاتَّتْ (٢) عَنْهُ ذُنُوبُهُ كما يَتَحَاتُّ عَنِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ وَرَقُهَا. رواه أبو الشيخ في كتاب الثواب والبيهقي.

٢٠ - وفي رواية للبيهقي قال: كُنَّا جُلُوساً مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَهَاجَتِ (٣) الرِّيحُ، فَوَقَعَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ وَرَقٍ نَخِرٍ (٤)، وَبَقِيَ مَا كَانَ مِن وَرَقٍ أَخْضَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صل اللهُ عليه وسلم: مَا مَثَلُ هذِهِ الشَّجَرَةِ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ: مَثَلُ الْمؤْمِنِ إِذَا اقْشَعَرَّ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَعَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ وَبَقِيَتْ لَهُ حَسَنَاتُهُ.

٢١ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: لما أنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صلى اللهُ عليه وسلم هذِهِ الآيَةَ: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا (٥) أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارا (٦)


(١) مر على العبد ذكر الله فخشي وارتجف فؤاده وأصابته رعدة من تقصيره في حقوق الله.
(٢) تساقطت.
(٣) اضطربت واشتدت.
(٤) يابس، يقال نخر العظم من باب تعب بلي وتفتت فهو نخر وناخر.
(٥) اجعلوا لها وقاية حافظة تبعدكم عن الوقوع في النار بترك المعاصي، وفعل الطاعات (وأهليكم) أقاربكم وأصحابكم وخدمكم بالنصح والتأديب.
(٦) ناراً تتقد بهما اتقاد غيرها بالحطب "عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" (٦) من سورة التحريم.
أي الزبانية التسعة عشر، وأعوانهم غلاظ الأقوال شداد الأفعال يتقبلون أوامره ويلتزمونها [ويفعلون ما يؤمرون] إنهم يؤدون ما يؤمرون به ولا يتثاقلون عنه، ولا يتوانون فيه أهـ نسفي. وقال البيضاوي لا يعصون فيما مضى ويفعلون فيما يستقبل، أولا يمتنعون عن قبول الأوامر والتزامها ويؤدون ما يؤمرون به أهـ، هذه الآية تطلب من كل مسلم أن يتقي الله ويخشى عذابه وينصح أهله بالاستقامة ويرشدهم إلى صالح الأعمال، ويدعوهم إلى التحلي بمكارم الأخلاق والدأب في تحصيل وجوه البر، وقد حكى الله تعالى عن طائفة سمعت كلام الله تعالى فخرت خاضعة له فوقاهم ربهم عذاب الجحيم بحسب خوفهم قال تعالى: [لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا =

<<  <  ج: ص:  >  >>