(١) فمبعدها من النار. (٢) أي مهلكها، قال العلقمي معناه أن كل إنسان يسعى بنفسه فمنهم من يبيعها لله تعالى بطاعته فيعتقها من العذاب، ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى باتباعها فيوبقها: أي يهلكها كأنه قيل ما حال الناس بعد ذلك؟ فأجيب كل الناس أهـ ص ٣٩٤ جامع صغير. بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فوائد سبعة هن عماد الحياة ومنبع السعادة ومعين الخير وبحار المكارم وجالبة كل المحامد. أ - النظافة والطهارة. ب - الثناء على الله تعالى وشكره على جميع ما أنعم وتفضل. جـ - تسبيحه وعبادته وذكره حتى لا يغفل القلب عن ربه. د - إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة على أحسن وجه وأكمله، فمن صلى تلألأ وجهه نوراً، وأشرق قلبه سروراً، وامتلأ إيماناً وحبوراً والتصدق بطاقة الإجازة من العذاب والإنفاق لله شهادة صدق بصالح الأعمال، والزكاة عنوان استقامة وطهارة، وسبيل الهداية في الحياة الدنيا، وبرهان ناطق لسلوك فاعلها مناهج الأبرار الأخيار. هـ - حبس النفس عن المكاره اتقاء السخط، والباعث على ذلك التجمل والتكمل المنبعث من أشعة الإيمان الساطعة في القلب كما قال الحفني الصبر على المصائب مع عدم الضجر أو الصبر على الأوامر والمنهيات سبب في حصول الضياء في القلب أي النور الشديد الكامل أهـ. وفي الغريب: الصبر الإمساك في ضيق أو حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع أو هما يقتضيان حبسها عنه، والصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه، فإن كان حبس النفس لمصيبة سمي صبراً لا غير، ويضاده الجزع، وإن كان في محاربة سمي شجاعة، ويضاده الجبن، وإن كان في نائبة مضجرة سمي رحب الصدر، ويضاده الضجر، وإن كان في إمساك الكلام سمي كتماناً ويضاده الذل، وقد سمى الله تعالى كل ذلك صبراً ونبه على ذلك بقوله [والصابرين في البأساء والضراء. والصابرين على ما أصابهم، والصابرين والصابرات] وسمي الصوم صبراً لكونه كالنوع له وقال عليه السلام "صيام شهر الصبر وثلاثة أيام في كل شهر يذهب وحر الصدر" وقوله تعالى [فما أصبرهم على النار] وقوله تعالى [اصبروا وصابروا] أي احبسوا أنفسكم على العبادة وجاهدوا أهواءكم، وقوله تعالى [واصطبر لعبادته] أي تحمل الصبر بجهدك، وقوله تعالى [أولئك يجزون الغرفة بما صبروا] أي بما تحملوا من الصبر في الوصول إلى مرضاة الله تعالى، وقوله تعالى [فصبر جميل] معناه الأمر والحث على ذلك، والصبور القادر على الصبر، والصبار يقال إذا كان فيه ضرب من التكلف والمجاهدة قال تعالى [إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور] ويعبر عن الانتظار بالصبر لما كان حق الانتظار أن لا ينفك عن الصبر بل هو نوع من الصبر، قال تعالى [فاصبر لحكم ربك] أي انتظر حكمه لك على الكافرين أهـ ص ٢٧٥. و- وجود القرآن بين أظهرنا نسمع آياته ليل نهار شاهد عدل علينا، ويكون شفيعاً لمن عمل به وتمسك بحبله واهتدى بقبسه وانتفع بآياته واسترشد بأحكامه، ويكون خصماً ألد للفاسقين والعاصين والطغاة الفاجرين. يقرأ القارئ فيتحدثون في مجالسه، ويتكلمون ويشربون التبغ وتتشتت أفكارهم وشابهوا الكفار في قول الله تعالى: [وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون (٢٦) فلنذيقن الذين كفروا عذاباً شديداً ولنجزينهم أسوأ الذين كانوا يعملون (٢٧) ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون (٢٨) وقال الذين كفروا: ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين (٢٩)] من سورة فصلت. [والغوا فيه] وعارضوه بالخرافات، أو ارفعوا أصواتكم بها لتشوشوه على القارئ (دار الخلد) دار إقامتهم. =