للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: وَمَنْ يَتَصَبَّرْ (١) يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْراً (٢) وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ. رواه البخاري ومسلم في حديث تقدم في المسألة.

ما رزق الله عبداً خيراً له ولا أوسع من الصبر

ورواه الحاكم من حديث أبي هريرة مختصراً: مَا رَزَقَ اللهُ عَبْدَاً خَيْراً لَهُ وَلاَ أَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ. وقال: صحيح على شرطهما.

٣ - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: أَرْبَعٌ لاَ يُصَبْنَ


= (يججدون) ينكرون الحق أو يلغون (أضلانا) هما إبليس وقابيل فإنهما سنا الكفر والقتل (نجعلهما) ندوسهما انتقاماً منهما أو نجعلهما في الدرك الأسفل مكاناً أو ذلاً أهـ بيضاوي.
ثم بين صلى الله عليه وسلم أننا في الدنيا صنفان.
أ - صنف تقي نقي صالح طاهر عامل بالكتاب والسنة، وهذا هو الفائز الناجح السعيد الذي ضرب بسهم صائب وبرز في ميدان الفلاح بالسبق إلى رضوان الله ونعيمه فخلص نفسه من ربقة العذاب وأسر الشهوات فنجا.
ب - صنف خائب خاسر يسعى لحتفه بظلفه، ويسترسل في الدنايا والمعاصي فيقع في الهاوية وينحط إلى الجحيم، ويسود وجهه [يوم يبعثهم الله جميعاً فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد (٦)] من سورة المجادلة.
لماذا؟ لأن القرآن والسنة أشرقتا بالأنوار فلم يهتد بهديهما، ولم يعمل صالحاً في حياته، وغمس في الترف والرفاهية وخلت صحيفته من كل مكرمة أو محمدة، فلا حول ولا قوة إلا بالله؛ ونسأل الله السلامة والعافية والعفو، وفي النهاية: من أسماء الله تعالى الصبور هو الذي لا يعاجل العصاة بالانتقام، وهو من أبنية المبالغة، ومعناه قريب من معنى الحليم، والفرق بينهما أن المذنب لا يأمن العقوبة في صفة الصبور كما يأمنها في صفة الحليم، ومنه "لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله عز وجل" أي أشد حلماً عن فاعل ذلك وترك المعاقبة عليه.
(١) من يتكلف تحمل المصائب والمكاره يعنه الله ويساعده.
(٢) أفضل وأكثر ثواباً. يعلمنا الله تعالى طول البال، واستقبال الشدائد بصدر رحب، والتطلع إلى فرج الله ورحمته.
إن الأمور إذا اشتدت مسالكها ... فالصبر يفتح منها كل ما رتجا
لا تيأسن وإن طالت مطالبه ... إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا
أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ... ومدمن القرع للأبواب أن يلجا
إذا ما أتاك الدهر يوماً بنكبة ... فأفرغ لها صبراً وأوسع لها صدرا
فإن تصاريف الزمان عجيبة ... فيوماً ترى يسراً ويوماً ترى عسرا
كن حليماً إذا بليت بغيظ ... وصبوراً إذا أتتك مصيبة
فالليالي من الزمان حبالى ... مثقلات يلدن كل عجيبة
تصبر أيها العبد اللبيب ... لعلك بعد صبرك ما تخيب
وكل الحادثات إذا تناهت ... يكون وراءها فرج قريب

<<  <  ج: ص:  >  >>