للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم وَجَعاً يَجِدُهُ في جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ضَعْ


= كما قال صلى الله عليه وسلم: "وأتبع السيئة الحسنة تمحها" أو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر (ذكرى) عظة للمتعظين، وإن شاهدنا (واصبر) على امتثال ما أمرت به والانتهاء عما نهيت عنه فلا يتم شيء منه إلا به.
م - وقال تعالى: [فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك] من سورة المؤمن.
ن - وقال تعالى: [والعصر (١) إن الإنسان لفي خسر (٢) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر (٣)] من سورة العصر.
أقسم سبحانه وتعالى بصلاة العصر لفضلها، أو بعصر النبوة، أو بالدهر لاشتماله على الأعاجيب. إن الناس لفي خسران في مساعيهم وصرف أعمارةم ومطالبهم، وعدم الاجتهاد في طاعة الله تعالى إلا الذين اشتروا الآخرة بالدنيا ففازوا بالحياة الأبدية والسعادة السرمدية وتعاهدوا على إظهار الحق أي الثابت الذي لا يصح إنكاره من اعتقاد أو عمل، واتفقوا على الصبر عن المعاصي أو على الحق أو ما يبلو الله به عباده. قال تعالى [فاصبر لحكم ربك، فاصبر صبراً جميلاً].
س - وعلق النصرة على الصبر فقال تعالى: [بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين (١٢٥)] من سورة آل عمران.
معنى الصبر نصف الإيمان وبيان أقسامه
وفي معنى الصبر نصف الإيمان: أي للإيمان ركنان:
أ - اليقين.
ب - الصبر.
والمراد باليقين المعارف القطعية الحاصلة بهداية الله تعالى عبده إلى أصول الدين، والمراد بالصبر العمل بمقتضى اليقين إذ اليقين يعرفه أن المعصية ضارة والطاعة نافعة، ولا يمكن ترك المعصية والمواظبة على الطاعة إلا بالصبر وهو استعمال باعث الدين في قهر باعث الهوى والكسل فيكون الصبر نصف الإيمان.
أو يطلق على الأحوال المثمرة للأعمال لأعلى المعارف، وعند ذلك ينقسم جميع ما يلاقيه العبد إلى ما ينفعه في الدنيا والآخرة أو يضره فيهما، وله بالإضافة إلى ما يضره حال الصبر وبالإضافة إلى ما ينفعه حال الشكر. قال ابن مسعود رضي الله عنه: الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر. وأقسام الصبر:
أولاً: أن يقهر داعي الهوى فلا تبقى له قوة المنازعة ويتوصل إليه بدوام الصبر، وعند هذا يقال: من صبر ظفر.
ثانياً: أن تغلب دواعي الهوى وتسقط بالكلية منازعة باعث الدين فيسلم نفسه إلى جند الشياطين، ولا يجاهد ليأسه من المجاهدة، وهؤلاء هم الغافلون.
ثالثاً: أن يكون الحرب سجالاً بين الجندين، فتارة له اليد عليها، وتارة لها عليه، وهذا من المجاهدين، وينقسم باعتبار حكمه إلى فرض ونقل ومكروه. فالصبر على المحظورات فرض، وعلى المكاره نفل، والصبر على الأذى المحظور محظور كمن تقطع يده أو يد ولده، وهو يصبر عليه ساكتاً، وكمن يقصد حريمه بشهوة محظورة فتهيج غيرته فيصبر عن إظهار الغيرة، ويسكت على ما يجري على أهله فهذا الصبر محرم، والصبر المكروه هو الصبر على أذى يناله بجهة مكروهة في الشرع فليكن الشرع محك الصدر.
وفي بيان مظان الحاجة إلى الصبر القسم الأول.
أولاً: ما يوافق الهوى، وهو الصحة والسلام والمال والجاه وكثرة العشيرة واتساع الأسباب وكثرة الأتباع والأنصار وجميع ملاذ الدنيا، وما أحوج العبد إلى الصبر على هذه الأمور فإنه إن لم يضبط نفسه عن الاسترسال والركون إليها والانهماك في ملاذها المباحة منها، أخرجه ذلك إلى البطر والطغيان فإن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى.
ثانياً: ما يرتبط باختياره، وهو سائر أفعاله التي توصف بكونها طاعة أو معصية.
ثالثاً: بعد الفراغ من العمل إذ يحتاج إلى الصبر عن إفشائه والتظاهر به للسمعة والرياء والصبر عن النظر إليه =

<<  <  ج: ص:  >  >>