للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استوعبنا منه كما استوعبنا من غيره من أبواب هذا الكتاب لكان ذلك قريباً مما مضى، ولخرجنا عن غير المقصود إلى الإطناب المملّ، والله المستعان، وجعلناه فصولاً.


= زيارة القبور
تسن زيارة قبور المسلمين للرجال لأجل تذكر الموت والآخرة وإصلاح فساد القلب ونفع الميت بما يتلى عنده من القرآن لخبر مسلم "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" ولقوله عليه الصلاة والسلام "اطلع في القبور واعتبر بالنشور" خصوصاً قبور الأنبياء والأولياء وأهل الصلاح، وتكره من النساء لجزعهن وقلة صبرهن ومحل الكراهة إن لم يشتمل اجتماعهن على محرم وإلا حرم. ويندب لهن زيارة قبره صلى الله عليه وسلم وكذا قبور سائر الأنبياء والعلماء والأولياء وتتأكد يوم العيد ومن عشية خميس إلى طلوع شمس سبت ويكره المبيت بها لما فيه من الوحشة والمشي والجلوس عليها، ويحرم البور والغائط وإلقاء نجاسة عليها. ويسن أن يكون الزائر متوضئاً، وأن يقول عند دخوله: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، ويقرأ ما تيسر من القرآن لأن القراءة تنفع الميت في ثلاثة مواضع: إذا قرئ في حضرته أو في غيبته لكن دعا له عقبها أو قصده بها وإن لم يدع له. ويسن قراءة الإخلاص إحدى عشرة مرة، وأن يقول: اللهم أوصل ثواب ما قرأته إلى فلان أو للموتى وورد "من قرأ آية الكرسي وجعل ثوابها لأهل القبور أدخل الله في كل قبر من المشرق إلى المغرب أربعين نوراً ووسع عليهم مضاجعهم" وأن يتصدق عليهم فينفعهم ذلك ويصل ثوابه إليهم، وأن يقرب من مزوره كقربه منه حياً ويسلم عليه مستقبلاً وجهه لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام" ثم يتوجه إلى القبلة فيدعو له بنحو: اللهم رب هذه الأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة أدخل عليها روحاً منك وسلاماً مني، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم. والدعاء ينفع لدفع العذاب ورفع الدرجات قال صلى الله عليه وسلم "ما الميت في قبره إلا كالغريق المغوث ينتظر دعوة تلحقه من ابنه أو أخيه أو صديق له فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها وإن هدايا الأحياء للأموات الدعاء والاستغفار" ويندب وضع الجريد والريحان على القبر كما جرت به العادة لأنه يستغفر للميت ما دام رطباً ولما روي "أن النبي صلى الله علهي وسلم شق الجريدة نصفين ثم غرس على قبر نصفاً وعلى قبر نصفاً وقال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا" رواه الشيخان. ومنه يعلم أن قراءة القرآن تنفع الميت، لأنه إذا وصل النفع إليه بسببهما حال رطوبتهما فانتفاعه بقراءة القرآن من الرجل المؤمن من باب أولى انتهت عبارات الشيخ الكردي رحمه الله تعالى ونفعنا به وبعلومه.
وفي إحياء علوم الدين ص ٢١٦ في بيان حال القبر. أول منزل الآخرة كما قال صلى الله عليه وسلم وقال مجاهد: أول ما يكلم ابن آدم حفرته فيقول: أنا بيت الدود وبيت الوحدة وبيت الغربة وبيت الظلمة هذا ما أعددت لك، فما أعددت لي؟ ويروى أن فاطمة بنت الحسين نظرت إلى جنازة زوجها الحسن بن الحسن. فغطت وجهها وقالت:
وكانوا رجاء ثم أمسوا رزية ... لقد عظمت تلك الرزايا وجلت
وقد أنشدوا في أهل القبور:
قف بالقبور وقل على ساحاتها ... من منكم المغمور في ظلماتها
ومن المكرم منكم في قعرها ... قد ذاق برد الأمن من روعاتها
أما السكون لذي العيون فواحد ... لا يستبين الفضل في درجاتها
لو جاوبوك لأخبروك بألسن ... تصف الحقائق بعد من حالاتها
أما المطيع فنازل في روضة ... يفضي إلى ما شاء من دوحاتها
والمجرم الطاغي بها متقلب ... في حفرة يأوي إلى حياتها
وعقارب تسعى إليه فروحه ... في شدة التعذيب من لدغاتها =

<<  <  ج: ص:  >  >>