للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى رُكبتيه (١)، ووضع كفيه على فخذيه، فقال: يا محمدُ أخبرنى عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن تشهد (٢) أن لا إله إلا


= ويكفر عنا سيئاتنا، وهل تجد فائدة للإسلام أكثر من فك رقاب الذين أحسنوا في الدنيا وعملوا صالحا، ووقوف المجرمين في المحشر، ونفوسهم مرهونة عند الله تعالى، وقد حكى الله عن المؤمنين والفاسقين في قوله جل شأنه في جهنم: (إنها لإحدى الكبر. نذيراً للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر. كل نفس بما كسبت رهينة. إلا أصحاب اليمين: في جنات يتساءلون. عن المجرمين. ما سلككم في سقر. قالوا لم نك من المصلين. ولم نك نطعم المسكين. وكنا نخوض مع الخائضين. وكنا نكذب بيوم الدين. حتى أتانا اليقين. فما تنفعهم شافعة الشافعين فما لهم عن التذكرة معرضين، كأنهم حمر مستنفرة. فرت من قسورة. بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفاً منشرة. كلا بل لا يخافون الآخرة. كلا إنه تذكرة. فمن شاء ذكره. وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة) من سورة المدثر، وإن سقر إحدى البلايا الكبيرة، وكبرت منذرة العاصين ليطيعوا الله ويتقدموا إلى اتباع الكتاب والسنة، ويتأخروا عن الفسوق والمجون والكذب خشية أن يموتوا فلا شفيع لهم عند الله، وقد شبههم الله تعالى في إعراضهم عن استماع الحق، واتباع القرآن بالحمر النافرة والوحوش الضارية التى فرت وهربت من الأسد القاهرة (قسورة) فعولة من القسر وهو القهر، والله تعالى حقيق بأن يتقى عقابه ويستمع كلامه، وحقيق بأن يغفر لعباده سيما الذين آمنوا وعملوا صالحا، والصلاة من العمل الصالح لأنها مدرسة الأخلاق الكاملة، ومعهد التربية يعالج تذليل النفس ومرونتها فتتعود الصبر والحلم، وتحمل الشدائد، ومصداق ذلك قوله تعالى: (إن الإنسان خلق هلوعاً. إذا مسه الشر جزوعا. وإذا مسه الخير منوعاً. إلا المصلين. الذين هم على صلاتهم دائمون. والذين في أموالهم حق معلوم. للسائل والمحروم. والذين يصدقون بيوم الدين. والذين هم من عذاب ربهم مشفقون. إن عذاب ربهم غير مأمون. والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون. والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون. والذين هم بشهادتهم قائمون. والذين هم على صلاتهم يحافظون، أولئك في جنات مكرمون) ٣٦ من سورة المعارج. أعرفت استثناء القادر الخالق للمصلين، والإنسان بفطرته شديد الحرص كثير الطمع قليل الصبر ويكثر الجزع ويشح ويبخل إلا الموصوفين بالأوصاف الدالة على الاستغراق في طاعة الحق، والإشفاق على الخق والإيمان بالجزاء، والخوف من العقوبة وكسر الشهوة وإيثار الآجل على العاجل. أولئك لا يشغلهم عن الصلاة شاغل، وكذا الزكوات والصدقات لمن يسأل ومن لا يسأل فيحسب نفسه غنياً فيحرم. قال البيضاوى: وتكرير ذكر الصلاة؛ ووصفهم بها أولا وآخرا باعتبارين للدلالة على فضلها وإنافتها على غيرها، ومعنى (يحافظون): يراعون شرائطها ويكملون فرائضها وسننها أهـ ٧٨٩.
ياأخى: الصلاة واجبة الأداء حال المسايفة والاضطراب في المعركة، ووعد المؤمنين بالنصر، وأمرهم بالحزم (وخذوا حذركم) لتقوى قلوبهم، ويحافظوا على ذكر الله، والتيقظ والتدبر؛ ويتوكلوا على الله سبحانه وتعالى. قال جل شأنه: (فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم، فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) ١٠٤ من سورة النساء، أي فرضاً محدد الأوقات لا يجوز إخراجها عن أوقاتها في أي حال من الأحوال.
(١) يريد القرب من النبى صلى الله عليه وسلم، وهذا الرجل الداخل وضع كفيه على فخذى نفسه، وجلس على هيئة المتعلم المتأدب.
(٢) تعتقد أن الله واحد، ومحمداً رسول الله، بأن تعمل بكتابه وسنة حبيبه، ولا تسأل إلا الله ولا تخف إلا من الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>