للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَادٍ بَيْنَ جَبَلَينِ يَهْوِي فِيهِ الْكَافِرُ سَبْعِينَ خَرِيفاً قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهُ. ورواه ابن حبان في صحيحه بنحو رواية الترمذي، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، ورواه البيهقي من طريق الحاكم إلا أنه قال:

يَهْوِي فِيهِ الْكَافِرُ أَرْبَعِينَ خَرِيفاً قَبْلَ أَنْ يُفْرَغَ مِنْ حِسَابِ النَّاسِ.

[قال الحافظ]: رووه كلهم من طريق عمرو بن الحرث عن درّاج عن أبي الهيثم إلا الترمذي فإنه رواه من طريق ابن لهيعة عن دراج، وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة عن دراج.

٣٣ - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ في قَوْلِهِ، [سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (١)] قالَ: جَبَلٌ مِنْ نَارٍ يُكَلَّفُ أَنْ يَصْعَدَهُ فَإِذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ذَابَتْ، فَإِذَا


(١) سأغشيه عقبة شاقة المصعد، وهو مثل لما يلقى من الشدائد أهـ بيضاوي.
ثم ذكر الحديث. قال تعالى: [فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير ذرني ومن خلقت وحيداً وجعلت له مالاً ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا سأرهقه صعودا إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر سأصليه سقر وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيماناً ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلاً كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر (٣١)] من سورة المدثر.
(فاصبر) أي فاستعمل الصبر على مشاق التكاليف وأذى المشركين (نقر) نفخ في الصور من النقر أي التصويت وأصله القرع (ذرني) نزلت في الوليد بن المغيرة (ممدوداً) مبسوطاً كثيراً ممداً بالنماء، وكان له الزرع والضرع والتجارة (وبنين شهودا) حضوراً معه بمكة يتمتع بلقائهم لا يحتاجون إلى سفر لطلب المعاش استغناء بنعمته، ولا يحتاج إلى أن يرسلهم في مصالحه لكثرة خدمه أو في المحافل والأندية لوجاهتهم واعتبارهم، قيل كان له عشرة بنين أو أكثر كلهم رجال فأسلم منهم ثلاثة خالد وعمارة وهشام (ومهدت) وبسطت له الرياسة والجاه العريض، حتى لقب ريحانة قريش (وحيدا): أي باستحقاقه الرياسة والتقدم (كلا) ردع له عن الطمع بمعاندة آيات المنعم المانعة عن الزيادة، قيل ما زال بعد نزول هذه الآية في نقصان ماله حتى هلك (فكر وقدر) فكر فيما يخيل طعناً في القرآن، وقدر في نفسه ما يقول فيه (فقتل كيف قدر) تعجب من تقديره استهزاء به أو لأنه أصاب أقصى ما يمكن أن يقال عليه. روي "أنه مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ حم السجدة فأتى قومه وقال: لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس والجن، إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه ليعلو ولا يعلى، فقالت قريش صبأ الوليد فقال ابن أخيه أبو جهل: أنا أكفيكموه فقعد إليه حزيناً وكلمه بما أحماه فقام فناداهم، فقال تزعمون أن محمداً مجنون فهل رأيتموه يخنق؟ وتقولون إنه كاهن فهل رأيتموه يتكهن؟ وتزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعراً؟ فقالوا: لا، فقال: ما هو إلا ساحر أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه ففرحوا بقوله وتفرقوا عنه متعجبين منه (ثم قتل كيف قدر ثم نظر) =

<<  <  ج: ص:  >  >>