للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاته، وقد تحاتت (١) عنه خطاياه. رواه الطبراني في الكبير والصغير، وفيه أشعثُ بن أشعث السعدانى لم أقف على ترجمته.

١٤ - وعن أبي عثمان قال: كنت مع سلمان رضي الله عنه تحت شجرةٍ فأخذ غصناً يابساً (٢)، فهزَّهُ حتى تحاتَّ (٣)

ورقه، ثم قال: يا أبا عثمان ألا تسألنى لِمَ أفعلُ هذا. قلتُ: ولم تفعله؟ قال: هكذا فعل بى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه تحت شجرةٍ، وأخذ منها غصناً يابساً (٤) فهزَّهُ حتى تحات ورقه. فقال: يا سلمان ألا تسألنى لم أفعل هذا. قلت: ولم تفعله؟ قال: إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء (٥) ثم صلى الصلوات الخمس، تحاتت خطاياه كما تحاتَّ (٦) هذا الورق، وقال: (أقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين) رواه أحمد والنسائي والطبراني، ورواة أحمد محتج بهم في الصحيح إلا علىَّ بن زيد.

١٥ - وعن أبي هريرة وأبى سعيدٍ رضي الله عنهما قالا: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: والذى نفسى بيده ثلاث مراتٍ، ثم أكبَّ فأكَبَّ (٧) كلُّ رجل منَّا يبكى، لاندرى على ماذا حلف، ثم رفع رأسه، وفى وجهه البُشرى (٨)، وكانت أحب إلينا من حُمْرِ (٩) النعم: قال: ما من رجلٍ (١٠) يصلى الصلوات الخمس،


(١) زالت وسقطت كما يتحات ورق الشجر: أي ينتثر ويقع.
(٢) صلباً.
(٣) يتحات: يتساقط.
فعل مضارع حذف منه حرف المضارعة منصوب بأن مضمرة وجوباً بعد حتى.
(٤) يقال: حطب يبس. قال ابن السكيت جمع يابس كراكب وركب أهـ، واليبس: المكان يكون رطباً ثم ييبس، ومنه قوله تعالى: (فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخاف دركا ولا تخشى)، وهذا مثل آخر ضربه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في درس فوائد الصلاة: حرك الغصن بقوة وعنف فنزلت أوراقه. هكذا أيها المسلمون المحافظة على الصلوات في أوقاتها تسقط الخطايا، فتنجون وتفلحون.
(٥) أتمه: أي راعى فروضه وسننه واستاك.
(٦) وفى نسخة: يتحات.
(٧) أكب الرجل يكب على عمل عمله: إذا لزمه، من كببته فأكب أي ألزمته. أي استمر البكاء منا ومنه صلى الله عليه وسلم خشية وخوفا من الله جل وعلا.
(٨) هى الخبر السار المفرح. قال تعالى (لهم البشرى في الحياة الدنيا وفى الآخرة) وقال تعالى (لابشرى يومئذ للمجرمين). (ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى). (يابشرى هذا غلام) يا بشارة.
(٩) الحمار. جمعه حمر كقفل، وحمر بضمتين العير، وحمارة للأتان، والنعم واحد الأنعام وهى المال الراعية، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل. قال الفراء، هو ذكر لا يؤنث، يقولون، هذا نعم وارد وجمعه نعما، كحمل وحملان، والأنعام يذكر ويؤنث. قال الله تعالى (مما في بطونه) وقال (مما في بطونها) وجميع الجمع أناعيم، والمعنى أن بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم زادتنا فرحاً أكثر من المال الوفير، والنعم السارة، وبيض الإبل وغيرها.
(١٠) في نسخة: عبد.

<<  <  ج: ص:  >  >>