عليك أخى بالصلاة إذا أصابك مكروه: فالجأ إلى مولاك، وقف بخشوع وخضوع أمام عظمته واسأله يجب طلب، وتضرع إليه يزل غمك، واقصده بغثك، وادعه يجبك، واشك إليه يرحمك، وتوكل عليه يقودك، واعتمد عله يعنك وسبحه يرحمك، واستعن به يمدك بروحه، واقتد بالأنبياء ينفحك الله بنفحاته، وآس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك عسى أن تكون أسوة حسنة، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً للحق وطاعة الله وافقه قوله تعالى (فمن يعمل من الصلحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون) ٥٩ من سورة الأنبياء. شرطان لعدم تضييع ثواب الله. أولا: عمل صالح. ثانياً وإيمان بالله ورسله. وتجد الله العظيم يؤكد بجلاله، وإنا لسعيه مثبتون في صحيفة عمله لا يضيع بوجه ما. اللهم وفقنا وأعنا. الدواء النافع في حضور القلب كما في إحياء علوم الدين قال الإمام الغزالي: اعلم أن المؤمن لا بد أن يكون معظماً لله عز وجل وخائفا منه وراجياً له ومستحيياً من تقصيره، فلا ينفك عن هذه الأحوال بعد إيمانه، وإن كانت قوتها بقدرة قوة يقينه، فانفكاكه عنها في الصلاة لا سبب له إلا تفرق الفكر وتقسيم الخاطر: وغيبة القلب عن المناجاة، والغفلة عن الصلاة ولا يلهى عن الصلاة إلا الخواطر الواردة الشاغلة؟ فالدواء في إحضار القلب هو دفع تلك الخواطر، ولا يدفع الشئ إلا بدفع سببه، فلتعلم سببه وسبب موارد الخواطر. إما أن يكون أمراً خارجاً أو امرا في ذاته باطناً. أما الخارج فما يقرع السمع أو يظهر البصر، فان ذلك قد يختطف الهم حتى يتبعه ويتصرف فيه ثم تنجر منه الفكرة إلى غيره ويتسلسل ويكون الإبصار سبباً للافتكار: ثم تصير بعض تلك الأفكار سبباً للبعض، ومن قويت نيته وعلت همته لم يلهه ما جرى على حواسه، ولكن الضعيف لا بد وأن يتفرق به فكره وعلاجه قطع هذه الأسباب بأن يغض بصره أو يصلى في بيت مظلم، أو لايترك بين يديه ما يشغل حسه، ويقرب من حائط عند صلاته حتى لا تتسع مسافة بصره، ويحترز من الصلاة على الشوارع، وفي المواضع المنقوشة المصنوعة، وعلى الفرش (المبسوطة) المصبوغة ولذلك كان المتعبدون يتعبدون في بيت صغير مظلم سعته قدر السجود ليكون ذلك أجمع للهم، والأقوياء منهم كانوا يحضرون المساجد، ويغضون البصر، ولا يجاوزون به موضع السجود ويرون كمال الصلاة في أن لا يعرفوا من على يمينهم وشمالهم، وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا يدع في موضع الصلاة مصحفاً ولا سيفاً إلا نزعه، ولا كتابا إلا محاه. وأما الأسباب الباطنة فهى أشد، فإن من تشبعت به الهموم في أودية الدنيا لا ينحصر فكره في فن واحد، بل لا يزال يطير من جانب إلى جانب وغض البصر لا يغنيه، فان ما وقع في القلب من قبل كاف للشغل، فهذا طريقه أن يرد قهراً إلى فهم مايقرؤه في الصلاة ويشغلها بها عن غيره، ويعينه على ذلك أن يستعد له قبل التحريم بأن يجدد على نفسه ذكر الآخرة وموقف المناجاة، وخطر المقام بين يدي الله سبحانه وتعالى، وهو المطلع، ويفرغ قلبه قبل التحريم بالصلاة عما يهمه، فلا يترك لنفسه شغلا يلتفت إليه خاطره. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان ابن أبى شيبة (إنى نسيت أن أوقل لك أن تخمر القدر الذى في البيت فإنه لا ينبغى في البيت شئ يشغل الناس عن صلاتهم) فهذا طريق تسكين الأفكار فان كان لا يسكن هائج أفكاره بهذا الدواء المسكن فلا ينجيه إلا المسهل الذى يقمع مادة الداء من أعماق العروق وهو أن ينظر في الأمور =