للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا صلى الصبح؟ قال: كان يقعد في مصلاهُ إذا صلى


= والتعظيم سببه معرفة جلال الله عز وجل وعظمته، وهو من أصول الإيمان، ثم معرفة حقارة النفس وخستها وكونها عبداً مسخراً مربوبا حتى تتولد والانكسار، والخشوع لله سبحانه وتعالى والهيبة والخوف فحالة النفس تتولد من المعرفة بقدرة الله تعالى وسطوته، ونفوذ مشيئته فيه مع قلة المبالاة به، وأنه لو أهلك الأولين والآخرين لم ينقص من ملكه ذرة. هذا مع مطالعة ما يجرى على الأنبياء والأولياء من المصائب، وأنواع البلاء مع القدرة على الدفع على خلاف ما يشاهد من ملوك الأرض؛ وبالجملة كلما زاد العلم بالله زادت الخشية والهيبة.
والرجاء سببه معرفة لطف الله عز وجل وكرمه، وعميم إنعامه، ولطائف صنعه ومعرفة صدقه في وعده الجنة بالصلاة فإذا حصل اليقين بوعده، والمعرفة بلطفه انبعث من مجموعها الرجاء لا محالة.
والحياء، فباستشعاره التقصير في العبادة، وعلمه بالعجز عن القيام بعظيم حق الله عز وجل ويقوى ذلك بالمعرفة بعيوب النفس وآفاتها، وقلة إخلاصها، وخبث دخلتها، وميلها إلى الخط العاجل في جميع أفعالها مع العلم بتعظيم مايقتضيه جلال الله عز وجل، والعلم بأنه مطلع على السر، وخطرات القلب، وإن دقت وخفيت وهذه المعارف إذا حصلت يقيناً انبعث منها الحياء، ومعنى اليقين هنا انتفاء الشك واستيلاؤها على القلب ولذا قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا ونحدثه، فإذا حضرت الصلاة كأنه لم يعرفنا ولم نعرفه أهـ ص ١٦٨ جـ ١.
البلسم الشافى والدواء الكافى في الصلاة
إن الله تعالى جعل الصلاة مفرجة للكروب مزيلة للهموم ميسرة للرزق مجلبة للخير، ومعين البر، وسبب الرحمة والقناعة، ومفتاح الصحة والسلامة، ومزيلة للهلع الناجم عن الركون لزخارف الدنيا وحظوظها، والتطلع إلى ما في أيدى الناس، وإيثار العاجل على الآجل، وهى سبب توطين النفس على الثبات، وقوة الجأش لعلم المصلى أن كل شئ من الله جل أو دق وهى وسيلة إلى الركون إلى الله وتغيير قبيح الأخلاق من التباغض والتحاسد والتنابذ والتراشق، وضعف العزيمة، والخور في الإرادة، والتردد والخمول والضعف وكونه ألعوبة مشاغل الدنيا، وتبع شهواته. على أنها مجمع الغنى والفقير والجليل والحقير، فيجتمعون في الصلاة لتتحد كلمتهم، وتتوثق عرا الصداقة والمودة والمحبة، فيتعاونوا على ما يجلب لهم الخير، ويدفع عنهم الضير، وبذا تتأصل الرحمة والشفقة فيتزاورون ويتشاورون، ويعودون المرضى، ويمدون المحتاج، ويغيثون الملهوف. فقد روى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: تفقدوا إخوانكم في الصلاة، فإن فقدتموهم، فإن كانوا مرضى فعودوهم، وإن كانوا أصحاء فعاتبوهم. هذا إلى تعويد المؤمنين الحرية، وإشراب قلوبهم المساواة والإخاء فترى وقوف السيد بجانب المسود والمخدوم قريباً من الخادم، وتغرس في نفوس المسلمين حب الطاعة، والانقياد إلى الرؤساء، وفى المثل الكامل لجاد المولى بك: قد فطن لهذا السر (رستم) قائد جيش الفرس حين رأى الصحابة يصلون خلف إمامهم ويتحركون لحركته، ويسكنون لسكونه. أهـ ص ١٥٧:
فأنت ترى وصلة الإنسان إلى ربه الصلاة كما قال لحبيبه صلى الله عليه وسلم: (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين) أي أنت تتألم يا محمد من أقوال الكافرين، وطعن الفاسقين، وشرك الجاحدين واستهزاء المجرمين فافزع إلى الله تعالى فيما نابك بالتسبيح والتحميد يكفك ويكشف الغم عنك، أو فنزهه عما يقولون حامداً له على أن هداك للحق؛ وكن من الساجدين أي من المصلين، وعنه =

<<  <  ج: ص:  >  >>