للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشمس، وابن خزيمة في صحيحه، ولفظه قال: عن سماكٍ أنه سأل جابر بن سمرة كيف كان


= مثله في الغباوة (وكان أمره فرطا) أي تقدما على الحق ونبذاً له وراء ظهره. يقال: فرس فرط، أي متقدم للخيل، ومنه الفرط. أهـ بيضاوي.
وهل تجد أحسن عمل من عطف الله على عبده الذى يعبده صباح مساء، ويصلى عليه: أي يرحمه، وملائكته تدعو له بالتوفيق والغفران، وسعة الرزق ومصداق قوله تعلى في الترغيب الثالث: (ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلا هو الذي يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجراً كريما) ٤٥ من سورة الأحزاب. إن شاهدنا بكرة وأصيلا أي أول النهار وآخره وأمر تعالى بذكره يغلب الأوقات، ويعم الأنواع بما هو أهل له من التقديس والتحميد والتهليل والتمجيد، ورتب على ذلك صلاة الله: عطفه وإحسانه، وصلاة ملائكته اهتمام بمصالح العباد. قال البيضاوى: المراد بالصلاة المشترك، وهو العناية بصلاح أمركم، وظهور شرفكم مستعار من الصلو، وقيل: التراحم والانعطاف المعنوى. مأخوذ من الصلاة المشتملة على الانعطاف الصورى الذى هو الركوع والسجود، واستغفار الملائكة ودعاؤهم للمؤمنين ترحم عليهم سيما وهو السبب الرحمة من حيث إنهم مجابو الدعوة أهـ ٥٨٨. هذا إلى مدد الله وإخراج العابد المسبح من ظلمات الكفر والفسوق، والغفلة والمعصية إلى نور الإيمان وطاعة الله، والثقة به الاعتماد عليه، والجمع بين عبادته، والعمل للدنيا، وأعظم فائدة يجنيها المسبح إكرام الله عند الموت وتحيته وبشراه بالنعيم المقيم في الجنة وإخباره بالسلامة من كل مكروه وآفة، والترغيب الرابع قوله تعالى: (فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً، واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا، ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا) ٢٧ من سورة الدهر. داوم على ذكره صباحاً وظهراً وعصراً (ومن الليل فاسجد له) لعل المراد به المغرب والعشاء (وسبحه ليلا) أي تهجد له طائفة طويلة من الليل، ولا تطع الكفرة والفسقة واصبر وانتظر فرج الله ونصره وسعة رزقه، وهذا تعليم لأمته كى تتأسى به صلى الله عليه وسلم وتقيم الصلاة عماد الدين وعصام اليقين، ورأس القربات، وغرة الطاعات، ثم تذكر الله بعد أدائها.
المعانى الباطنة التى تتم بها حياة الصلاة كما في إحياء علوم الدين
قال الإمام الغزالي:
أولا: حضور القلب، ونعنى به أن تفرغ القلب عن غير ما هو ملابس له ومتكلم به، فيكون العلم بالفعل والقول مقروناً بهما، ولا يكون الفكر جائلا في غيرهما: ثانياً: التفهم لمعنى الكلام أمر وراء حضور القلب فربما حاضراً مع اللفظ، ولا يكون حاضراً مع معنى اللفظ، فاشتمال القلب على العلم بمعنى اللفظ هو الذى أردناه بالتفهم، وهذا مقام يتفاوت الناس فيه إذ ليس يشترك الناس في تفهم المعانى للقرآن والتسبيحات، وكم من عانى لطيفة يفهمها المصلى في أثناء الصلاة ولم يكن قد خطر بقلبه ذلك قبله ومن هذا الوجه كانت الصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر فإنها تفهم أموراً تلك الأمور تمنع عن الفحشاء لا محالة. ثالثاً: التعظيم أمروراء حضور القلب والفهم زائد عليهما. رابعاً: الهيبة عبارة عن خوف منشؤه التعظيم، والهيبة خوف مصدرها الإجلال. خامساً: الرجاء يرجو مثوبة، والعبد ينبغى أن يكون راجياً بصلاته ثواب الله عز وجل كأنه خائف بتقصيره عقاب الله عز وجل.
سادساً: الحياء فهو زائد على الجملة لأن مستنده تقصير، وتوهم ذنب. وحضور القلب سببه الهمة، ولا يحضر إلا فيما يهمك، فلتهمك الصلاة لأنها وسيلة إلى الآخرة مع العلم بحقارة الدنيا. والتفهم سببه إدمان الفكر، وصرف الذهن إلى إدراك المعنى مع التشمر لدفع الخواطر، ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره =

<<  <  ج: ص:  >  >>